بقلم : عائشة سلطان
التغيير ليس حديثاً في الهواء ووعوداً وشعارات، لقد قطع العالم العربي، أو يفترض به أن يكون قد تجاوز حقبة الوعود والشعارات وسياسات التخبط والمراهنة على حصان الزمن، أنهك هذا الحصان والعرب يراهنون عليه في كل المضامير ليتكفل بحل كل أزماتهم العالقة منذ أن أصبحوا دولاً مستقلة، وبات عليهم أن يديروا شؤونهم بأنفسهم.
فتأملوا بكثير من التخبط حتى جاءت خضات فوضى الثورات الأخيرة، فتحوا أعينهم جيداً، وأنصتوا لكل الطبول التي تقرع، كان الصوت صاخباً، المؤامرات والمتآمرون أيضاً راهنوا على سقوط دول العالم العربي كلها بضربة ما أسموها ثورات الربيع العربي.. لكن الله سلم الكثير من الدول من هاوية الفوضى!
السياسة الخليجية اختلفت دائماً عن السياسة العربية خارجياً وداخلياً، من ناحية مشاريع التنمية وتوظيف أموال وعوائد الدخول القومية، لقد بنت الدول الخليجية نفسها سريعاً، لم تحرق المراحل ولم تتخبط ولم تتسرع كما اتهمها بعض كتاب العرب، لم تهدر ثرواتها ولم تسرق ولم يعبث بها كما حصل في دول عربية عديدة كانت غنية وكانت واعدة ومبشرة.
لكنها انتهت نهاية بائسة بسبب سياسات أنظمتها، بينما كانت سياسات دول الخليج على تفاوتاتها محافظة وهادئة وبعيدة كل البعد عن الشعارات السياسية والأيدلوجية والاقتصادية التي ملأت الجغرافيا العربية!
اتهمت دول الخليج وشعوب الخليج بالكثير، وهذا ليس مجال ذكر أو تبادل التهم، لكن لنتأمل المشهد العربي اليوم، ولنجرد حسابات الحقل الخليجي وحسابات البيدر العربي.
قضت دول الخليج العربي على الأمية، أسست مدناً حديثة، دخلت وبقوة عصر التقنية واقتصاد المعرفة، أقامت صروحاً علمية حقيقية، أسست لمدن وحياة وإنسان متحضر وراق ومتعلم ويمتلك كل حقوقه كمواطن وبأقل قدر من الضجيج، لا فقر، لا بطالة، لا أمية، بل مناطق صناعية، وبنى تحتية متطورة في كل مجال.
وانفتاح على الآخر، واليوم تحديداً تقود الشقيقة السعودية حركة تغيير حقيقية واضحة وحازمة لا تراجع عنها، ولعل تمكين المرأة سياسياً واجتماعياً أحد أبرز المؤشرات التي تقرأ هذا التغيير نحو المستقبل بخطى واثقة!
المرأة الخليجية في المجالس النيابية، لها حق التعليم والعمل في كل المجالات، لها حرية قيادة السيارة حتى في شوارع الرياض وجدة، وهناك كبريات المتاحف العالمية في أبوظبي وأوبرا بأعلى المواصفات العالمية في دبي والكويت وقريباً ستقدم فرقة مسرح البولشوي الروسية عروضها الفخمة في السعودية والبقية تأتي.. هذا هو التغيير وهذه هي واقعية السياسة التي تنتصر للإنسان وللحضارة!