بقلم : عائشة سلطان
إذا لم تستطع أن تغيّر الحدث الدائر حولك، فغيّر موضوع الحديث، يقول المثل، تماماً كما أن الإنسان إذا لم تعجبه بضاعة انتقل إلى أخرى وإذا لم يرق له برنامج تلفزيوني فإنه يغيّر القناة ببساطة، الأمور تبدو في منتهى البساطة كلمسة زر ولكن ليس دائماً، فهناك قرارات ومواضيع لا يمكنك إزاحتها من أمامك بحركة بسيطة، إن قراراً قد تتخذه بلحظة في بعض المواقف قد يكلفك أكثر مما كنت تتصور، والمشكلة أن بعض هذه القرارات لا يمكنك التراجع عنها والعودة بالزمن إلى الوراء، من هنا يطلب منك أن تفكر كثيراً، وكثيراً جداً قبل أن تغيّر موضوع الحديث!
المسألة ليست بالبساطة أو التفاهة التي قد يتصورها البعض، ألا نستغرب أحياناً بقاء زوجين على قيد الحياة الزوجية رغم استحالة الحياة بينهما؟ رغم الجفاء والتباعد وجفاف العاطفة وسوء أخلاق الرجل وبرودة عاطفة الزوجة؟ لماذا؟ تقول لي إحدى الزوجات لا أستطيع أن أغيّر واقع زوجي ولا أستطيع أن أغيّر الموضوع، تقصد لا تستطيع أن تغيّر تفاصيل الحياة الزوجية الأشبه بالمنتهية كما لا تستطيع أن تطلب الطلاق وتحرر نفسها، تقول أخاف على الأولاد، وأخاف من أن أصبح وحيدة! ربما لو كانت أصغر قليلاً وأكثر جمالاً لتغيّر الوضع، لست حراً دائماً في تقرير مصيرك، لا تلعن الدنيا ولا الظروف، فالحياة لا تسير وفق رغباتنا، كالرياح تماماً لا تسير كما تشتهي السفن.
تلك الفتاة كثيرة الأسئلة، واقعة في منتصف المسافة بين الهروب وبين نفسها، بين الاستجابة لرغبتها في التحرر من واقع بائس، لكنها لا تستطيع أن تفعل كغيرها من الذين فروا باحثين عن نجاتهم وسعادتهم، هي تفكر بعائلتها، بوالدتها، بقدرتها في نهاية المطاف على مواجهة الحياة وحيدة، وحين تقارن الأوضاع تجد أن لا تغيير الواقع ممكناً ولا تغيير موضوع الحديث، وأن قدر البعض أن يبقى عالقاً في الوسط، فقد يتوصل ذات يوم إلى أن ذلك كان أفضل بكثير، لكن الإنسان يعيش يومه المعلوم من دون أن يفكر بما سيكون عليه الغد، هو يملك الحاضر بكل دهاليزه، أما المستقبل فعلمه ليس عنده، لذلك لا يجادله حتى لو تحداه!
نحن أمام أسئلة المقدمات، فالمقدمات ترتبط بحقائق وتفاصيل نعرفها، ما يجعلنا نتردد ولا نغيّر الموضوع ونتراجع ونقبل بما هو موجود كأسئلة النتائج: ماذا لو حدث كذا؟ ماذا لو لم ننجح في كذا؟ هل نستطيع احتمال نتيجة قرارنا؟..الذين اندفعوا نحو التغيير لم يطرحوا على أنفسهم أسئلة النتائج مطلقاً، ولكنهم تحملوها حتماً وفازوا بلاشك، فهم لم يراوحوا وسط حرائق التردد في منتصف الطريق!