بقلم : عائشة سلطان
هناك أمور كثيرة في حياتنا نملك أن نبدأها، نعطي قراراً بشأنها، قد يكون ذلك بشكل بالغ البساطة واللامبالاة أحياناً، وأحياناً بعد تردد واستشعار بالخطر أو بعدم الثقة، لكننا نقرر البدء ونبدأ فعلاً، نتخذ احتياطاتنا، نتدبر أمورنا، نفكر كثيراً، نسأل هنا وهناك، نعيد ترتيب الأحجار على رقعة الشطرنج، نحرك بيدقاً من هنا، ونخسر قلعة من هناك لكننا نمضى مع قرارنا حتى النهاية، لأننا مؤمنون بما نفعله، الإيمان قضية أساسية قبل اتخاذ أي قرار، إيماننا بحقنا يمنحنا قوة الاستمرار في السير وإكمال الطريق!
أين ومتى يمكن أن نواجه مشكلة ما في مثل هذه القرارات؟ حين نعلم أننا يمكننا اتخاذ قرار البدء لكننا لا يمكن بأي حال أن نقرر إيقاف القرار أو التراجع عنه، تشبه هذه القرارات التي لا يمكن التراجع عنها بالزواج الكاثوليكي! فهذا الزواج بحسب هذا المذهب يجعل الطلاق أمراً يكاد يكون مستحيلاً!
وينطبق ذلك على قرار كتابة نص معين يريد كاتبه أو يدعي كاتبه أنه يقول رأياً أو يمارس حريته في التعبير، يتخذ قراراً بإبداء رأي حول قضية مثارة، ينصحه المقربون ألا يفعل، لكنه يقرر ويكتب، فيقلب الدنيا رأساً على عقب، ويثير حساسيات الناس، ويتلقى الكثير من السباب والشتائم، ويصبح من غير الوارد أو الممكن محو ما قيل وما نشر من أذهان الناس الذين قرأوه، مع بقائه كوصمة في سجل كاتبه.
هذا النوع من المقالات يشبه الرصاصة إذا انطلقت من الفوهة فلا يمكن إيقافها كما لا يمكن إعادتها، وحين تصيب الهدف تمزق اللحم وتفتت كل ما حوله، نحن نملك إطلاق الرصاصة لكننا لا نملك بأي حال إيقافها أبداً!!
كما ينطبق ذلك على كل على شجع على الفوضى خلال ما يسمى بالربيع العربي. فقد قال المحللون كلاماً كثيراً، حول مستقبل الحرية والديمقراطية والكرامة والحقوق و...انطلق التونسيون أولاً ولا زالوا يعانون من التداعيات، وتبعهم المصريون فأنجزوا ثورة وتبعوها بأخرى وكانوا أكثر وعياً، نظراً لعمق تجربة الدولة السياسية والشارع السياسي في مصر، ثم كان الدور على سوريا، وعاث الخراب في سوريا الحضارة والتاريخ كما انتشر الإرهاب والتطرف في عالمنا العربي.
فمن يملك إيقاف هذا الخراب في كل مكان، لا أحد يمكنه فعل ذلك مالم يتم تجفيف مصادر نشر فكر التطرف ومنابع دعم وتمويل الإرهاب