بقلم : عائشة سلطان
الذين يتصوّرون أن خلط الدين وزجّه بالقوة في أدبيات بعض الأحزاب السياسية وإقحامه في سائر أمور السياسة وفي قضايا الأموال وتحقيق الأرباح، أو باستخدامه كأداة تهديد وترغيب للسيطرة على عقول البسطاء والعوام، الذين يتصورون أن ذلك كله ظاهرة حديثة أو وليدة اليوم فإنهم مخطئون تماماً!
لقد تم استغلال الدين منذ ظهرت الرسالات، لكنه تحول لتجارة في أيامنا هذه، ذلك أن الدين وسيلة شديدة التأثير ومن يملك استخدامها فقد ملك كنوز الدنيا، حيث لا يمكن الوقوف في وجه صاحبها أو مجادلته، فأنت مستعد لأن تجادل شخصاً بالحجة والمنطق ساعات وساعات فإما أقنعك أو أقنعته دون شعور بالخطأ أو الإثم، بينما إذا ناقشت شخصاً ثم أشهر في وجهك نصوص القرآن عند أول مفترق للحوار فإنك تضطر لترك النقاش جملة وتفصيلاً ليعلن انتصاره عليك مستغلاً أنه (لا اجتهاد مع نص) وليغلق الباب في وجه حرية الرأي!
إن هناك مَنْ يدافعون عن ظاهرة تصدي بعض الشخصيات المنتفعة من أصحاب المصالح الظاهرة وبعض الفنانات والراقصات لتقديم البرامج الدينية، معللين ذلك بجواز توظيف «إمكانيات» وجماهيرية هؤلاء للتأثير على قطاعات الشباب والفتيات وبسطاء الناس «لسحبهم سحباً» للدين والهداية فتتحجب الفتيات ويعود آلاف الشباب للدين، وهذا أمر مطلوب!
غريب جداً بل ومستنكر هذا المنطق، فكيف يصح اعتماد أمثال هؤلاء ليكونوا واجهات معتمدة نأخذ عنهم شؤون ديننا؟ كتلك التي تقدم برنامجاً دينياً ثم تظهر في أغنية ماجنة، وذاك الذي قاد آلاف الشباب لأتون الإرهاب والتطرف بفتاواه، والذي تحدث للشباب عن صحابة رسول الله الزهاد المجاهدين الورعين، ثم ظهر فجأة لينصح الشباب -وفي رمضان- بتناول نوع من الدجاج يدخلهم جنات النعيم، كيف يصح ربط الدين والحجاب والصلاة والتقوى براقصة وتاجر إعلانات وداعية تطرّف؟
إن ربط الدين بأمثال هؤلاء خطيئة نرتكبها في حق الإسلام العظيم؛ لأن انكشاف حقيقة هؤلاء أمام الشباب العربي أدى لخلخلة قناعاتهم الدينية وهز صورة الإسلام كله، وأدخلهم في موجة إلحاد خطيرة يتحدث عنها الجميع، فرفقاً بالدين وبالشباب وبنا.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان