يعرفون كيف يعزفون

يعرفون كيف يعزفون

يعرفون كيف يعزفون

 صوت الإمارات -

يعرفون كيف يعزفون

ناصر الظاهري

الشحاذ في الدول المنكوبة، يكسر يده، ويشحذ عليها أو يربط رأسه بدون وجع، وفي بعض الدول المسحوقة تجده بعد أن باع كليته، يظل يشحذ على ذلك الجرح القديم، وقد أبتلينا ببعضهم، لا نعرف كيف يصلون إلى البلاد؟ وكيف يحصلون على «الفيزا»؟ ومن هو كفيلهم أصلاً هنا؟ تجدهم يلبدون للناس، مرة في هذا الحي، ومرة في حي خارج العاصمة، خاصة بعدما انتهت موضة التبرع لبناء مسجد في سيراليون، ومدرسة في كوناكري، وبعدما انتهى نشيد أمي وأبي وعمتي وخالتي، وأمراضهم المزمنة، وانتهى موال:» واحد من قبيلتنا، قتل واحداً من قبيلتهم، قام آخر من قبيلتنا، فقتل واحداً من قبيلتهم»، والآن ينشدون دفع الدية، ودفع البلاء، وإصلاح ذات البين، قاطعين الآف الكيلو مترات قاصدينك «يا وجه الخير»، راكبين من أجلك «شفرات» تبرّي الصحراء برّياً!
في أوروبا، لولا النازحون واللاجئون والهاربون والمتسولون من رومانيا والغجر، والمدعون من البوسنه، فلن تجد غير المحتاج، والذي ضاقت به السبل، هو من يشحذ، ويشحذ قوت يومه، رغم أن أوروبا توفر له راتباً قدر الحاجة، وملزمة بواجباته اليومية بـ» كوبونات»، شحاذو أوروبا ظرفاء، وبعضهم نبلاء، يقدم لك ما يملك من موهبة في العزف، والغناء، وخفة اليد، والرسم، أو مما وهب، ولو كانت موهبة غير مدهشة، لكنه يفترض أنه يسلي السياح والزوار والعابرين، ليقدموا له ما تجود به جيوبهم من «فكّة» معدنية، من هؤلاء الظرفاء الذين لا يجعلونك تمر هكذا من أمامهم، من دون أن تتوقف أو تتحرك يدك في جيبك بحثاً عن قطع معدنية، شحاذ «لوتي» أو عيّار، عرف كيف يحزن قلوب الأوروبيين الخالية من العاطفة المندفعة، هذا الشحاذ كتب على لافتة أمامه، أنه قد يصبر على الجوع، لكنه لا يريد لكلبه أن يموت من الجوع، فـ»من أجل كلبي، أصلي لكم»، ويطأطئ برأسه، رافعاً يديه للسماء في مشهد تمثيلي ساذج، فيتقاطر الأوروبيون حوله، يواسونه، وينقدونه، ويوصونه بكلبه خيراً، خاصة العجائز اللاتي يقفن بالدقائق الطوال عنده، وقلوبهن تكاد تنفطر، وتظل الواحده تفرك «بوكها» الجلدي القديم، لتظفر بعملة نحاسية، تظل تقربها لعينها وتتفحصها، كان هذا الشحاذ يملأ يومياً صرته نقوداً، والتي كانت أحب شيء لقلبه، ويكره أن يتكرم عليه بعلب أكل الكلاب الغالية! من الظرفاء، عجوز أعمى كتب مرة:«ساعدوني.. لأرى الربيع هذا العام»، وآخر فرش كتبه على الرصيف للبيع، وتركها، وكتب:«القراء لا يسرقون.. واللصوص لا يقرأون»!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يعرفون كيف يعزفون يعرفون كيف يعزفون



GMT 01:10 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

طريق الخسائر والكبائر

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عون رئيساً لاسترداد لبنان

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الدبلوماسية العربية ــ الدولية وجمهورية لبنان الثالثة

GMT 01:08 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عجائب الزماني... لابن الأصفهاني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

كرة القدم... نقطة تجمع وطني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

«مكرم هارون»... واحدٌ من النبلاء

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الرسائل الإلهية

GMT 01:05 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الاستمارة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 15:08 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعراض واقع القطاعات الخدمية والمشاريع التنموية في طرطوس

GMT 02:16 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 17:31 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة نجمة البوب الكورية سولي عن عمر ناهز 25 عامًا

GMT 00:04 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

صورة "سيلفي" تحول جسد فتاة إلى أشلاء

GMT 23:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل خليل يؤكد أن الجمهور ينتظر بشدة منافسات كأس آسيا

GMT 21:06 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

علماء يختبرون مواد كيميائية تعمل على محو الذكريات

GMT 13:23 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

رواج في حركة بيع العقارات بالعبور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates