مع الأجنحة المتكسرة

مع الأجنحة المتكسرة

مع الأجنحة المتكسرة

 صوت الإمارات -

مع الأجنحة المتكسرة

ناصر الظاهري

السفر مع الصغار، كمن يطير بأجنحة متكسرة، أنت المعتاد على التحليق بعيداً ووحيداً، خفيفاً كسعفة يناغيها الريح، وأين ما هبّت ذرت، أما توأم من أولادنا يحبو نحو الثالثة، فليسوا مثل أولاد الإنجليز ينامون في السابعة بعد أن يشربوا الحليب الفاتر، ويندسوا في «بيجامات» قطنية دافئة، ويناموا على أصوات الملائكة، بعد أن ينصتوا لأمهم وهي تقرأ عليهم قصة ما قبل النوم، نحن لأن البنت أكبر من أخيها بدقيقة، تريد كل شيء حقها منذ الصغر، وأن تمنعنا في تلبية طلباتها، وهي طلبات لا تنتهي، وهي لا تمل منها، أرخت تلك الشفة السفلى بكسل، وحركت عينيها في محجريهما بدلال لا ينم إلا عن كثير من الابتزاز، وزيادة العطف والشفقة، ولأن الصغير باعتباره الأمير غير المتوج، ويريد أن يظهر رجولة مبكرة، ما له غير أمه يعرف كيف يجعلها تناديه بالغالي، «ولا خليت وعونك»، ولو كان على حساب الصغيرة الماكرة، التي ستأخذ بثأرها في خلسة من عيون الرقباء، ولن يسلم الصغير من عضة ستحمل علامة لأيام أو نقطة ضعف شمشون شعره، وستكون خصلة من شعره في قبضتها الصغيرة، منصور يعتبر أي تجمع وفيه ناس هو عبارة عن عيادة أو مستشفى، لذا سيكون صراخه محرجاً لرجل مثلي كثير الاعتذار، لكنه سيضحكني بعدها وحينما تفهمت المضيفة الأوروبية المكتملة الأنوثة معنى أنه بحاجة لحليب، وأنه لم يبلغ الفطام بعد، وقالت عنه بمزح: «أنه نوتي» فتلقفتها سهيلة، وأردفت معلقة على حديث المضيفة: «هيه.. ترى أبوه قبله، نظر عينه الحريمات»، فقبلتها على مضض، ولا أبرئ نفسي الأمّارة بالسوء، أما الصغيرة الحور، فتعتقد أن المطار بمثابة بيت أبيها، وأن جل المسافرين من أهلها، فتعيث في ذلك المكان «حشرة» وركضا، وسقوطا على الرخام، ولا تهدأ إلا بالمرضعة أو باليد التي تترك خدها محمرا، لتعود بعد ذلك الصراخ للهدوء، ومن ثم تطلق كلمة من كلماتها المتعثرة، فتسلم على رجل عجوز، وتمد له يدها اليمنى، فتكاد تفرحه حد أن تسقط من عينه دمعة، السفر مع الأجنحة المتكسرة من أصعب الأمور، وأجملها، لكنه في الغالب مزعج حد الضجر والغضب، كأن يمشي الصغير واثقاً من خطواته الأولى وتقول سيلعب مع الطفل الذي يطالعه ببراءة فيعادله، ثم يدفعه، ولو لا تهذيب بعض الأهل لما انتهت الرحلة دون شجار مجبر عليه، خاصة وأن سهيلة ليس عندها مثل عيالها، وأن عيال الآخرين هم «العيّالين»، وربما أكملت السفر مع الأجنحة المتكسرة غداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الأجنحة المتكسرة مع الأجنحة المتكسرة



GMT 01:10 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

طريق الخسائر والكبائر

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عون رئيساً لاسترداد لبنان

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الدبلوماسية العربية ــ الدولية وجمهورية لبنان الثالثة

GMT 01:08 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عجائب الزماني... لابن الأصفهاني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

كرة القدم... نقطة تجمع وطني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

«مكرم هارون»... واحدٌ من النبلاء

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الرسائل الإلهية

GMT 01:05 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الاستمارة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 15:08 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعراض واقع القطاعات الخدمية والمشاريع التنموية في طرطوس

GMT 02:16 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 17:31 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة نجمة البوب الكورية سولي عن عمر ناهز 25 عامًا

GMT 00:04 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

صورة "سيلفي" تحول جسد فتاة إلى أشلاء

GMT 23:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل خليل يؤكد أن الجمهور ينتظر بشدة منافسات كأس آسيا

GMT 21:06 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

علماء يختبرون مواد كيميائية تعمل على محو الذكريات

GMT 13:23 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

رواج في حركة بيع العقارات بالعبور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates