الثوابت والمتغيرات

الثوابت والمتغيرات

الثوابت والمتغيرات

 صوت الإمارات -

الثوابت والمتغيرات

ناصر الظاهري

لم يعد بوسعنا في عالمنا اليوم المتغير، والهارب للأمام، والغائم علينا كسحابة دخان رمادية لا تنقشع، أن نحدد ما هي الثوابت التي يجب علينا أن نقبض عليها كالقابض على الجمر، وما هي المتغيرات التي علينا أن نتساهل فيها، ولا نحرص عليها بعنادنا، وجمود تفكيرنا، لقد أحدث النفط رجّة في المجتمع العربي، وقلب أموراً، وأحدث أموراً، وجلب أموراً، وكان على الإنسان الواعي المتزن أن يغربلها، ليتواءم مع معطيات الحياة الجديدة، ويضفي عليها من قناعاته الفكرية والعقائدية ما يجعله يعيش مطمئناً، سعيداً بقدر ما تسمح له الظروف والأشياء، في حين كان على الجانب الآخر في ظل ذلك الزلزال الاجتماعي أناس ممن لم يقدروا أن يستوعبوا ما حدث، وطافت بهم الدنيا بمغرياتها، ومتعتهم بكذبها الآني، وزخرفتها المتعالية، فكانت الرجّة أكبر من العقول، والمتغيرات أوسع من الأفق الإدراكي، فكان خيار التطرّف، التطرف يميناً حيث خزعبلات التدين، والدجل النصي المكذوب، ورفض ما هو جديد، ومتغير، ومن إنتاج الآخر الذي قد يكون مختلفاً دينياً وثقافياً واجتماعياً، ومحاولة الهروب منه، والانعزال، وتكفير المجتمع المتعامل معه أو الخروج عليه، وعده من معسكر الحرب، والإعلان في لعنه، ونهبه، وقتاله، وتخريب حضارته، سواء من الداخل بالتواجد في مجتمعه أو من الخارج بالهجمات الإرهابية عليه، المتكررة، والمختلفة، أو كان التطرّف يساراً، حيث الوقوع في حضن الحضارة الغربية، وهو ليس الحضن الجميل والإيجابي إنما الحضن السلبي، حيث الابتعاد عن الدين السمح، واللغة الأم، ونبذ التقاليد الجميلة، والثوابت الأخلاقية العربية، ومحاولة التغرب، والتغريب، وسلخ الجلد، ولو وصل الأمر حتى تغيير السُحنة، هذان الفريقان هما الثابت والمتغير بطريقة هجينة، لا وصلا لهدفهما، ولا ظهراً أبقيا، وهم النسبة الغالبة في مجتمعاتنا العربية التي تمر بتغيرات، وتأثيرات، وحراك إن لم تجد ضالتها، وتدرك بوعيها، مستندة إلى إرثها ومكتسباتها الصحيحة معنى التغيير للأفضل، ومعنى الثبات على الأصلح، ضاعت في ظل موجة مد عولمي، لا يرحم الضعيف، والعالة، وغير العامل، ولا المبدع والمنتج، بقيت نسبة قليلة هي الواعية والمدركة والمقدرة لنوعية التغيير، وكيفية الإصلاح، وكان يفترض بها أن تقود المجتمع، لأنها نخبته، وصفوته، لكنها همشت، وطوردت من قبل الأنظمة السياسية والعسكرتارية، واستهين بدورها، ولم يستعن بفكرها، والنتيجة خسرتها الأنظمة السياسية في حروبها الجديدة ضد الإرهاب والتطرف، والتمدد التديني السياسي، هذا حال مجتمعنا العربي من خليجه إلى محيطه، نختلف قليلًا، نتشابه كثيراً، هي مسألة تناسبية باختلاف ظروف مجتمعاتنا، وتجاربها السياسية وحراكها الاجتماعي، وازدهارها الثقافي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثوابت والمتغيرات الثوابت والمتغيرات



GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

لحظة تأمل

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

حرب الجنرال الغائب

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

كِتاب غزة

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

الحرب الثالثة ماذا بعدُ؟

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

«أوديب».. وقد غادر الطائرة

GMT 04:25 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

وزراء كانوا هنا

GMT 04:24 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

القرار الخاطئ

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates