آهات من بحر الرمل

آهات من بحر الرمل

آهات من بحر الرمل

 صوت الإمارات -

آهات من بحر الرمل

بقلم: ناصر الظاهري

الفرح في عاصمة الظبي الجميل، لا يأتي وحيداً، يأتي مخفوراً بالحب، وأصوات الأصدقاء، ولهفة الشوق، وما تخبئ حقائب الورّاقين من طروس ولفائف ورُقم، وعناوين كتب، يأتي، وأتذكره قبل خمسة وعشرين عاماً، مترادفاً وذكريات من مطر خجول، كان يبلل الخيام المغروزة في قصر الحصن القديم، يحوطه نخيل من تعب الصحراء، وحرقة ملح البحر،

كان أسبوعاً كسوق عكاظ، كما تحكي لنا قصص العرب، وخراريف وادي عبقر، فيه.. وله، يقبل جهابذة اللغة، والقابضون على أسرارها، ومكنون بلاغتها، ينشدون قصائد من ماء، ومن لهب، يحضر القصاصون والرواة، والحكائون مخزّنين الدهشة، وسر الجنّيات في حكايا الليل، وما يمكن أن يغزله السرد والنثر من لغة تقتحم أسوار النشيد، وتعتلي بحوره، كاملاً، ورجزاً، ووافراً، ومديداً، وغيرها مما تعرفون، كان أسبوعاً مختلفاً، عارماً بالمحبة، واللقاء،

وانتظار ما يخبئون، أولئك القادمون من بقاع العربية، ليعرضوا بضاعتهم التي لا ترد عليهم، ولا إليهم، قاصدين معرض أبوظبي القديم، وكأنه بيتهم، ومضافتهم التي تنوخ عندها ركائبهم من عام لعام.
اليوم.. مضت سنوات طوال وغدا معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مبهجاً، ويأتي ببهرجة، ورهجة، لعله الزمن الجديد، ولعلها حركة الحياة الواثبة نحو الرقمية والتلاقي عن بعد، والتواصل عبر شبكات غير مرئية، وتلك الأناقة التي تفرضها مكاتب الزجاج، والموظفون اللامعون، غاب الحمّال الأفغاني الذي يمكنه أن يعتل خمسين كيلو جراماً نتعاً، وربما قال هلّ من مزيد؟ غاب ذلك الهندي البسيط الذي يجد له في معرض أبوظبي القديم عملاً بعد الظهر، ويعرفه الكتّاب، وقارضو الكتب، ولا ينظر لما يقدمون له، نظير عتله لكتبهم، وأوزانها التي تنوء بها أكتافه، غابت الخيمة، وجلسات حميمية خلال المساء، وأطباق من الهريس والمحلا، وأكلات من الدار، ومن صنع أهلها، غاب ذلك المسرح الذي يشبه معبداً أغريقياً، فيه تغنى «نزار قباني»، ولهج «مهدي الجواهري»، وزاوج نثره بشعره، ذلك الرجل الذي ترك الحصان وحيداً، ورقم بطاقته خمسون، «محمود درويش»، وطاف بنا في جبال داغستان، ووهاد بلاده شاعر روسيا العظيم «رسول حمزاتوف»، وغيرهم، وغيرهم، الخال «الأبنودي»، و«أبو ريشة»، وأساطين الحرف من خطاطين، ونحاتي الصلصال والطين، ومشاغبي اللغة من نقّاد، ومفكرين كالجابري والأنصاري وفخرو، وقد تطول الأيام، ولا تخلص الأسماء، كانت يومها سماؤنا زرقاء لا يسبح فيها إلا الخير، والمطر الغزير، ولا يسبّح تحتها إلا الحامدون، الشاكرون، والركع السجود.
اليوم.. فقط أسأل: أين غاب صديقي القديم.. ومعرضي القديم؟ آه.. ما أجمل البدايات النبيلة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آهات من بحر الرمل آهات من بحر الرمل



GMT 01:10 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

طريق الخسائر والكبائر

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عون رئيساً لاسترداد لبنان

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الدبلوماسية العربية ــ الدولية وجمهورية لبنان الثالثة

GMT 01:08 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عجائب الزماني... لابن الأصفهاني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

كرة القدم... نقطة تجمع وطني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

«مكرم هارون»... واحدٌ من النبلاء

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الرسائل الإلهية

GMT 01:05 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الاستمارة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates