بقلم - ناصر الظاهري
مشكلتنا الأساسية حين يدخل علينا مصطلح جديد أو تعم كلمة ضمن مفردات حياتنا اليومية، نظل نرددها، ولا نستوعبها، ولا أحد قادر أن يفهم الناس البسطاء ذلك الشيء الطارئ في إتمام معاملاتهم الرسمية، في البداية جاءنا «السيستم» ففرحنا به، واعتقدنا أنه لذيذ وسهل وطيب مثل أكل السمسم، فإذا بـ «السيستم» يتحكم فينا، وفي إنهاء كافة معاملاتنا وإجراءاتنا، والويل لنا إن قابلنا من صباح الله خير، وجهاً لا ينبئ عن خير، وأطلقها في وجه المتعامل صريحة: «والله اليوم السيستم عطلان»، وإذا ما عطل حينها «السيستم» فلن تجد له إبن عم يثيبه في عثرته أو ينتشله من وقعته، وعليك أن تنتظر حتى يبرد «السيستم»، لأنه يبدو مثل مكائن «الديزل» يسخن من كثرة الاستعمال، ليعود ويشغّل كل تلك الأجهزة الرابضة مثل أسد كسول بعد وجبة لفريسة هرمة، لم تكلفه ركضاً ولا عناء في تلك الغابة، حتى أصبحت دعوات الكثير قبل التوجه لأي دائرة أن لا يجد «السيستم داون»، خلصنا من «السيستم» جاءنا هذه المرّة مصطلح آخر، ورهيب، لكنه أيضاً مرتبط بـ «السيستم» وهو «بلوك»، يعني مزارع راح عنك، وعلق في بنغلاديش، فجأة تجد السيستم حطّ عينه عليك، وعمل لك «بلوك»، فتتعطل أعمالك الأخرى نتيجة فعل الـ «بلوك»، والتي لا دخل للمزارع فيها، ولا دخل للدائرة التي تراجعها بالعمل والعمال، لديك عمل صغير في البلدية، بخصوص إرث عائلي يأخذ وقته في المحاكم الشرعية، ودوائر أخرى، فيقوم «سيستم» البلدية، ويشخط كل أفراد العائلة بـ «بلوك»، «طيب يا أخوان.. عندي منزل جديد يبني، وأريد تراخيص كهرباء وماء، وإطفاء، أريد انتقل في بيتي الجديد»، فتسمع الرد دون أن تنهي كلامك أو يتعاطفوا معك: «لا .. والله السيستم ما يسمح، وبعدين تعال أنت معمول لك بلوك، لازم أولاً تفك البلوك، وبعدين تقدر تراجع السيستم»!
تفرح بالمنجزات الرقمية والحكومة الإليكترونية والتسهيلات الكثيرة التي تقدمها بدلاً من أن ترزّ وجهك كل يوم مُصبّحاً على وزارة أو دائرة، وتريد أن تثبت لأفراد العائلة الصغار أنك رغم تقاعدك فاهم، ومتواصل مع الأجيال الجديدة، وتجيد تخليص كل معاملاتك عبر المواقع ومن خلال هاتفك، وأول ما تعتدل في جلستك، والفرحة تزاغي صدرك، تظهر لك تلك الرنّة الإليكترونية التي لا معنى لها إلا أن هناك شيئاً غلط، وتظل تحاول، وتلك النغمة تزيد الضغط عليك نفسياً، وتستعين بالأصغر سناً، فيكتشف أن عليك «بلوك»، وتظل تتذكر مخالفات رادار من زمان ما دفعتها، مخالفة مرورية يمكن كنت تشرب وأنت تسوق السيارة، فاتورة رقم قديم داستنه «اتصالات» وأنت تدفع عنه ولا تدري، وفجأة غيّرت بطاقتك الائتمانية لانتهاء صلاحيتها، وأصبحت من حينها غريماً لـ «اتصالات»، تظل تلعب بك الظنون تريد أن تعرف من عمل لك «بلوك» وأنت في ريعان شبابك، ومقبل على الحياة، وجدية أن تكون منذ البداية «بزنس مان» بدون أخطاء أو عثرات في الخطوات الأولى! خلص العمود وفي نفسي من «السيستم»، ومن «بلوك» مثلما كان في نفس «سيبويه» من حتى!