دكان أبو الخير 3

دكان أبو الخير "3"

دكان أبو الخير "3"

 صوت الإمارات -

دكان أبو الخير 3

بقلم : ناصر الظاهري

أبو الخير الذي كان له من اسمه نصيب، غاب اسمه الأول أو نسيه الأهالي مع الوقت، ولو قلت لأحدهم: «جعفر»! فسيصفن قليلاً، ثم يتذكر، ظل وفيّاً لدكانه، وإن اتسعت تجارته مع الأيام، وظل يدخل الأشياء المستحدثة، و«كيراخانة» زوجته اليدوية، والتي كانت تفصّل، وتخيط عليها ثياب النساء الجديدة والمختلفة، اشترى بدلاً منها ثلاث ماكينات تعمل بالرجل، وجلب خياطين هنوداً، تفننوا في ثياب النساء، وبدأ يظهر الزريّ والنقش والفولك والتطريز، وعرفت النساء لبس «الكَوَنّ» بدلاً من الثوب العربي المضروب بالتَليّ، والفضل يعود لـ«أبو الخير»، وربما زوجته التي كان الناس يعتقدون أنها جميلة وطويلة مثل بناتها، دون أن يروها، غير أن النساء المترددات على بيتها للتفصيل والخياطة كن يسرّبن أوصافها: «زبيدة.. مب قصيرة، ومب متينة، ومب غاوية وايد، لكنها خفيفة، وبيضاء، وترطن»! وأنها أقرب في الشبه لـ«شيرين» زوجة صانع الأكياس الورقية «بهادر» الباكستاني التي جاءت عجوزاً، وبقيت عجوزاً طويلاً، وربما كانت تدوخ «الكَدو» مثلها، بذاك التبغ الحار.

إسماعيل ولد «أبو الخير»، الذين لحقوا عليه أيام المدرسة، كانوا يقولون: كان شاطر، ويعرف إنجليزي أكثر عنهم، ووحده من يتكلم مع الأستاذ الصفدي بالإنجليزي، ولا يتلعثم، وكان يدخل معهم سينما الواحة، ويفهم الفيلم الهندي، ويشرح لهم الفيلم الإيراني، لم يتعثر مثل بقية رفاقه في الصفوف أو ترك الدراسة للالتحاق بالجيش أو العمل في البلدية، أكمل الثانوية، وانقطعت أخباره عن الحارة، وحده «أبو الخير»، حين كانت تأتي رسالة منه، يظل محتفظاً بها في جيبه، ويخبر نهارها كل من يمرّ به: «أن إسماعيل في أميركا يدرس».
ويزيد «أبو الخير» من عنده: «وأنه يُسلّم على أهل الحارة فرداً، فرداً»، من أجل أن يحظى إسماعيل بدعاء أولئك الطيبين.

أصاب «أبو الخير» الخير الذي عمّ البلاد في السبعين، فأتى الجزّ، وحصل على التعويض عن بيت قديم، وجزء من نخل كان قد اشتراه من أرملة وأولادها الكبار حين تنازعوا، ربت تجارته، والناس ما عادوا يشترون بالصبر والدين، لكن الدكان بقي على حاله، وجلب شاباً، يقال إنه ولد خالته العجوز، وربما يريده لابنته الكبرى، ظل يساعده في الدكان ساعة غيابه، وحين تمتد به ثرثرة الشوّاب مساء، ويكتفي فقط بمناظرة الدكان، ومن يدلف إليه من بعيد، وحين يطلب منه الشوّاب أو يوحي لهم أن رسالة جديدة وصلت من الولايات المتحدة، يظل يقصّ عليهم قصصاً لم تكن فيها تلك التفاصيل، ويظل الشوّاب يطالبون إسماعيل بأدوية لأمراض متوهمة..

                 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دكان أبو الخير 3 دكان أبو الخير 3



GMT 22:32 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

خميسيات

GMT 21:24 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

التنسك في الألوان

GMT 21:19 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

نوبل.. تلك النافذة الكبيرة

GMT 23:31 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

السماحة تميزهم.. ولا تغيرهم

GMT 21:21 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

نتذكر ونقول: شكراً

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates