المدن تحزن على الطيبين

المدن تحزن على الطيبين

المدن تحزن على الطيبين

 صوت الإمارات -

المدن تحزن على الطيبين

بقلم - ناصر الظاهري

المدن حالها حال الناس في الفرح والحزن، فبهجتها لا تخبئها، مثلما لا يمكن أن تخبئ حزنها، ووحدهم الطيبون من تبكيهم المدن، لأنها تشعر أن شيئاً في يومها قد نقص، وأن ثمة خيراً قد قلّ منذ أن ودعت أحد هؤلاء، وها هي أبوظبي منذ الأمس حالها غير الحال، فقد فارقها شخص بار بها، منتم لها، وعاش تفاصيل حياتها منذ الفاقة والعوز، وحتى العز والرخاء، عاصر أحداثها، وكان جزءاً من نشاطها، وازدهارها، وهي تدرك حين ينقبض شيء في صدرها، أن أحد هؤلاء الطيبين قد غاب عنها، تاركاً أفعاله وسمعته وكثيراً من خيره ليستدل عليه من يأتي، ولم يعرف. وحدها المدن لا تنسى المخلصين، وإن تناست فإلى حين، فمثل المرحوم عبدالله المسعود شخص لا ينسى، فهو الحاضر الغائب في نفوس الناس، ومن عرفه عن قرب أكثر، وحزنهم بالتأكيد عليه أعمق، كان وجهاً طيباً سمحاً يذكّرك بالأهل الأولين، وكان ذا خير وإحسان، وصاحب كلمة حق في الحاضر والغائب، وكان لطيف المعشر، وذا فرح ولين لمن حوله، أتذكره، رحمه الله، قبل سنين حين التقيته للمرة الأولى بغرض التفاوض على عمل تجاري، وكانت دعوة كريمة منه، وفضلا جميلا منه أنني عرفته شخصياً.

ذهبت إلى مكتبه، وفي داخلي أنني سأكون مغلوباً لا محالة، فمثله له ذاك الباع والخبرة والعلاقات الواسعة والممتدة، فقلت له بعد السلام، جئتك كاتباً ربما تعرفه، لا تاجراً أحب أن لا تعرفه، فأنا دائماً ما أقدم الحرف لأنه أبلغ من الرقم، وكثيراً ما أخطئ الحكم، فقال: طيب أجلس خذ لك فنجان قهوة، ومع القهوة أحضر لي مجلدين لديواني شعر بالعامية يخص شعراء أبوظبي وشعراء الإمارات، فقال: هذه هدية تعرّفنا عليك، نقرأ لك، ولا نعرفك، فأدخل كثيراً من السعادة والرضا على نفسي، وانطلقت في الحديث معه، وتحاورنا في مسائل شتى من أمور الحياة والناس والوطر الجميل، حتى خشيت على وقته، وكنت أذكّره، فقال لا عليك أنا انتظر صديقاً، لا تاجراً ولا متعاملاً، ولننتظره سوياً فصديقي ليس إنجليزياً ولا ألمانياً، وليته يأتي على موعده لنتغدى سوياً، تحدثنا في كل شيء عدا التفاوض على العمل التجاري، يومها كنت أنا الرابح، ولو لم تتم الصفقة، فقد شرفت بمعرفة إنسان ذي طبيعة جميلة وهادئة وودودة.. فيه البشاشة والسماحة وكثير الرضا.

عبدالله المسعود كان رجلاً من رجال المرحلة، له الرحمة والمغفرة، ولروحه السكينة والطمأنينة، وجزاه الله خير الجزاء عن أعماله الوطنية والخيّرة، وتودده للناس، وجبر خواطرهم، وعلى مثله تبكي المدن أبناءها.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدن تحزن على الطيبين المدن تحزن على الطيبين



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates