سؤال صغير كفص الثوم

سؤال صغير كفص الثوم

سؤال صغير كفص الثوم

 صوت الإمارات -

سؤال صغير كفص الثوم

بقلم - ناصر الظاهري

كنا نتبادل الحديث مع أصدقاء أفاضل بشأن مسائل عديدة في الحياة، فنبر أحدهم سؤالاً من قاع الذاكرة، شبيهاً بـ «البرغي»، يبدو صغيراً، غير أنه مكين، كيف عرفنا الثوم؟ ومتى؟ كانت مفاجأة السؤال، وحيرة الجواب، هكذا هي الأمور الكثيرة التي نعتقد في دواخلنا نعرفها، وجزء من مفردة في تفاصيل يومنا، لكن حين نتعمق فيها، نجدها عصيّة وبعيدة، حاولت ليلتها أن أنام غير أن السؤال ظل عالقاً في الرأس، وأول ما صحوت من النوم، كان أول شيء تذكرته، هو أشبه بتلك الأغنية التي تنشب في النِّطَع مرات، وتظل ترددها، وتحاول أن تتخلص منها، لكنها لا تغادر إلا متى شاءت، وتغيب كما جاءت فجأة.

كنت أعتقد أن الثوم ينبت في أي أرض، فهو صديق التربة والمطر، وصديق الإنسان منذ ما يقرب من 7000 سنة، لكن المسألة غير ذلك، فموطنه الأصلي آسيا الوسطى، وأول من عرفه البابليون، واستخدمه قدماء المصريين في الطعام والمعالجة، وعدوه من النباتات المقدسة، حيث وُجدت نقوش له في معابدهم، وكان مع البصل مادة غذائية أساسية للعمال الذين بنوا الأهرامات، كما ذكر المؤرخ «هيرودوت»، وشاع استخدامه في الملاعب الأولمبية القديمة، فتعاطاه اللاعبون الأولمبيون كمقوٍ وباعث للطاقة، ومنشط، ووصفه الأطباء الصينيون لعلاج ضغط الدم، هو صيدلية متنقلة، فوائده لا تحصى، وضرره يكمن في الإكثار المبالغ منه، وهذا سبب سر القداسة له منذ القدم، وتصنيفه اليوم بأكبر دواء علاجي طبيعي، فقد استخدمه الروس كمضاد حيوي أثناء الحروب، وتطبيب جراح جنودهم المثخنة، حتى أطلق عليه «البنسلين الروسي»، وعالج على مر التاريخ معظم الأمراض الفتّاكة باطنية وخارجية، وكان يعد من السلع الغالية والنباتات الثمينة في العصور الغابرة، وكان يتاجر به، ويتبادل ببضائع أخرى غالية، كالذهب مثلاً، وقد اكتسب شهرة بعد تعدد استخداماته عند سكان دول حوض البحر الأبيض المتوسط الذين نشروه في أرجاء العالم، وتعد الصين أكبر منتج له، مع إسبانيا، حيث يشتهر عندهم الثوم الأندلسي، حتى إنه أصبح للثوم مهرجانات عالمية مثل مهرجان «تورينتو» للثوم.

اليوم.. أتفكر كيف كان «الشواب» عندنا قديماً يقولون الأمثال فيه وفي غيره، وكأنها وصفة طبية مجربة، مَن أرشدهم، وعلمهم وبصّرهم بفوائد بعض النباتات؟ هل هي الأسفار، ومخالطة الشعوب الأخرى؟ أم تناقل التجارب الإنسانية عبر طرق كثيرة؟ كلام «شوابنا» يعد اليوم جزءاً من العلاج البديل، وجزءاً من الأدوية التي يوصي بها الأطباء، وحتى جزءاً من العمليات التجميلية الحديثة، ولو قدّرت النساء فوائده الجمة، ونسين رائحته النفاذة، لكُنّ اليوم بخير، ولعل قول «شوابنا» الشائع: «كلّ من البصل ما حصل، ومن الثوم قَدّ ما تروم، ومن الرويد لو عويدّ، ومن السِحّ لين تصحّ»، خير مثال لذلك التعارك مع شظف العيش، وتعب السنين، وقلة الحيلة في زمن الفاقة.

صباحكم.. ورد وفل وياسمين، وأعذروني لأنني أدخلتكم معي هذا اليوم سوق «الجَبّرَه» من غبشة الله!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال صغير كفص الثوم سؤال صغير كفص الثوم



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
 صوت الإمارات - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 صوت الإمارات - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:29 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب
 صوت الإمارات - بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي
 صوت الإمارات - إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي

GMT 23:45 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة لويس فويتون Louis Vuitton لربيع 2019

GMT 13:30 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الماس الأبيض يزيّن أصابعك بفخامة ورقي

GMT 13:15 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

بدء اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates