تذكرة وحقيبة سفر  2

تذكرة.. وحقيبة سفر - 2

تذكرة.. وحقيبة سفر - 2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر  2

بقلم - ناصر الظاهري

 تحتار من أين تبدأ في مدن إيطاليا، وهي التي تتجاذب الزائر بمغريات عديدة، هل تبدأ بروما تلك الذئبة الواقفة على تلة التاريخ، تشاهد حريقها ورمادها، وتتذكر أمجادها؟ أم تيمم شطر مناطق توسكاني حيث عروش العنب ومخزون الجبنة العتيقة، وتلك المناطق الباردة بالظل والنسمة وتلك الخضرة التي تجلي البصر؟ لا بد من ميلانو أول المطاف أم آخره، حيث معارضها التجارية المتجددة والمتنوعة، وحيث للشراء متعة التأمل في واجهات الحوانيت القديمة والعصرية على السواء، وحيث تلك الساحة الممتدة كبساط تحت أقدام الكاتدرائية العظيمة، ثمة قرى وادعة يمكن أن تنسلّ لها في مصالحة مع الطبيعة، بعيداً عن ضوضاء بعض المدن، مدن أخرى كانت انطلاقاتي في زياراتي المتكررة لإيطاليا، كالبندقية العائمة على ذكرياتها التي لا تحب أن تنفصل عنها، بولونيا حيث حضر الكتاب وما يدونون في معرضها الكبير، فلورنسا تلك اللوحة الانطباعية التي لا تود أن تغادر إطارها القديم المذهب، وكلما وصلت تلك المدينة أتذكر حادثة لابنتي أروى كنت مرة اصطحبها في صغرها إلى متحف فلورنسا، وتوقفنا عند تمثال «مايكل أنجلو» داوود، ذلك العمل الفني بامتياز، وكان التمثال محاطاً بصندوق زجاجي سميك ومهول، وجاءت الصغيرة تركض كعادتها واصطدمت بكتلة الزجاج فوقعت كالمغشي عليها من هول الصدمة، وظلت تتذكر الحادثة، ويومها لم تكن تتكلم، لكن ما أن تقول لها: «مايكل انجلو».. كنغ ديفيد، حتى تقلد لك صوت الارتطام «دووم»، حتى بعد أنْ كبرت، غير أن مدينة البندقية كانت المفضلة لديها، وما زالت تتذكر تفاصيلها ومفرداتها كالجندول وساحتها وفنادقها المائية والوجوه التنكرية ومهرجيها، وزجاجها الملون، والإفطار الشهي في شرفة الفندق الذي تشاركك فيه طيور النورس البيضاء، والتي كانت تسميها «العروس» تقليداً لكلمة النورس.

تبقى مداخل أخرى لإيطاليا، وهي مدنها البحرية مثل «جنوا» و«نابولي»، وجزرها الجميلة مثل «كابري» و«صقلية» و«سردينيا»، وهذه الأماكن تسرقك بالتأكيد من إيطاليا نفسها، فارضة عليك تفاصيلها الصغيرة ودفئاً تخبئه زواياها وليلها الذي لا يهدأ بسهولة، وتلك الأطعمة البحرية التي يزينها لك البحر الأبيض المتوسط.

بين الزيارة الأولى لإيطاليا عام 1980 لروما، وحيداً خالياً إلا من حقيبة وتذكرة سفر، وسكن في فندق عائلي «بنسيون» لعجوز عاشت طويلاً في الإسكندرية، وخبرة رعناء لشاب تغويه الأماكن، فلا يقدر أن يقول: لا، ولا يقوى إلا على السفر إليها، مهما كانت المشاق، وآخر زيارة لها إلى «تورينو» في شهر رمضان المنصرم، وما بينها عشرات الأسفار، أجد نفسي وقد كبرت معها، وأعرفها مثل كف يدي، لكنها لا تزال تغريني بدهشة المجيء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر  2 تذكرة وحقيبة سفر  2



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي

GMT 23:45 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة لويس فويتون Louis Vuitton لربيع 2019

GMT 13:30 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الماس الأبيض يزيّن أصابعك بفخامة ورقي

GMT 13:15 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

بدء اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates