تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

ناصر الظاهري

أرى دائماً أن احترام بعض الشعوب واجب رغم كل الأقاويل التي تحكى عنهم، يظلون كما هم، لا يهمهم كثيراً قول الناس فيهم بالذم أو المدح أو التعليقات الساخرة، فهم بفعلهم يعبرون عن أنفسهم بصدق، ولا يتأثرون بالآخر، لأنه خارج حساباتهم، الشعب الإنجليزي واحد من هذه الشعوب، واجب عليّ أن أحترم الإنجليزي بصدق، لكنني لست بالضرورة أحبه دائماً، هذا الإنجليزي ساكن لندن الحقيقي يبدي بعض تحفظه، ويعلن تبرمه وتأففه وضيقه من الناس الذين يطأون مدينته، ويعبثون بإيقاعها، ويخلون بطقوسها ويخرجونها عن التزامها، ويريدون أن يطبعوها بطابعهم الطارئ والعابر، لذا يبدو عنيفاً ومتشدداً وأحياناً عنصرياً حين يمس الأمر القانون والاحترام وتغيير رداء مدينته، والأمر نفسه بالنسبة للباريسيين الحقيقيين الذين يحبون مدينتهم كأغلى عروس في العالم، وحين تصل موجة السائحين والمندفعين إلى كل ركن فيها، يتركونها لمصلحة الفائدة الاقتصادية وقلوبهم تتحسر، يهجرونها تاركين مساءاتهم الجميلة، وشرفات منازلهم الحميمة إلى الريف وقراهم التاريخية، لكنهم يبقون يتصرفون كباريسيين حقيقيين في الريف الفرنسي.

الإنجليزي ساكن لندن، أو الباريسي القديم، لا يقبل أن يظهر تاجر مهاجر من آسيا أو أفريقيا ، ويفرض لغته وطريقة تعامله ويصدّر ثقافته ليطبع هاتين المدينتين التاريخيتين بطابع أبناء المستعمرات القديمة، لا يسمحون بأن يربك هؤلاء الغرباء يوم المدينتين وتفاصيلهما بأشياء مستوردة ولا ترقى بالمكان وناسه وحضارتهم، يمكن لهذه الأشياء أن تحمل الغش والخداع والضحك على الناس، سكان هاتين المدينتين مثلاً لا يقبلون أن يتصرف سائق الأجرة اللندني بطريقته الباكستانية، ويلعب بعداد السيارة وكأنه في شوارع كراتشي أو يتصرف الهندي بائع الخضار والفواكه بطريقة «محمد علي رود» أو «كولابا» في بومبي، لا يسمحون لأي شخص طارئ بأن يعبث بتقاليد مدنهم، كأن يسرق الزبائن ويستغل الغرباء، ويساوم السياح ، ويتظاهر بمظاهر الفتوة والفهلوة، لا يسمحون لمالك فندق بأن يرفع أسعاره ويقلل من خدماته، لا يسمحون لمقهى ومطعم مستأجر ناصية فندق أن يتلاعب برواده أو يزيد من قيمة فواتيره أو صاحب متجر يغش في ضريبة البلدية أو ضريبة الحكومة أو مالك مصنع يشغل عمال بأقل الأجور ويستعبدهم أو يطلق صاحب مقهى يد عماله في العبث بالحساب أو رفع صوت مطربة يحبونها.

اللندنيون والباريسيون الحقيقيون لا يسمحون بأن تتشوه صور مدنهم التقليدية والتاريخية، لا يسمحون للآخرين بأن يطبعوها بطابعهم الآتي من القرى البعيدة والأرياف والمناطق غير الحضرية فارضين ثقافاتهم وشروطهم على مدنهم التي يحبونها، والتي كبرت ونهضت وصاغت أيامها، وخلقت عطر مكانها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates