بقلم - ناصر الظاهري
هي ظاهرة جديدة للإدمان عبر وسائط إلكترونية، رقمية، بعيداً عن المخدرات المعروفة وطرقها التقليدية، مخدرات أثيرية يروّج لها عبر مواقع ومنصات دولية، لها تأثيرها المباشر على الدماغ بإفراغ شحنات وذبذبات عالية عبر سمّاعات الأذن، هي نغمات الهلس والهلوسة التي تصل لمخ الإنسان المتعاطي، فتزاغي فيه الأعصاب والشعيرات مما يجعله في حالة هستيرية من التصلب والتشنج والهذيان، حيث يصيب المدمن الإلكتروني الإعياء النفسي ثم الجسدي، هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر في أرجاء العالم، ولها مروجون متخفيون وراء شاشات برّاقة يعرضون البرامج بأسعار زهيدة، فما على الراغب إلا تحميل البرامج المدفوعة على الكمبيوتر الشخصي، وارتداء سمّاعات الأذن، الخطير في هذا النوع من التعاطي، أنه يحاط بسرية شخصية، فخلف الغرف المغلقة يمكن للشخص أن يتعاطى مخدره الإلكتروني، وكأنه يشاهد فيلماً أو يقرأ مؤلفاً رقمياً أو يستمع لأغانٍ صاخبة، ولا أحد يدري به، فقط هو من يشعر بذلك التصلب والتشنج وارتجافات الجسد حتى يهمد.
لذا علينا التحوط من هذه الظاهرة التي باتت تسري كموضة في هذا العالم المجنون بكل شيء جديد ومبتكر، خاصة من قبل الشباب النضر، وغير المدرك، والمدمن أصلاً على الشاشة الرقمية، فما بالكم وقد دس له في عسله سماً جديداً، وغير مرئي، سم لم تشرّع له العقوبات القانونية الرادعة بعد، فهو اليوم يلعب في المنطقة الرمادية حتى يتمكن من عقول الصغار، والذين سينشرونه من خلالهم لزملائهم في المدارس، وهنا مكمن الخطر.
نقول لشركات الاتصالات الوطنية: عليكم في هذه اللعبة غير المسلية دور وطني، فلا تكتفون فقط بحظر المواقع الإباحية أو كل كلمة فيها جنس أو جنسية أو جنسي حتى ولو كان طبيب اختصاصي أمراض جنسية، الوعي مهم تجاه هذه الظاهرة، ودوركم يعادل دور الأسرة إنْ لم يزد، والرقابة الإلكترونية أصبحت اليوم سهلة، ولعبة اختصاصيين، وليس هناك من كلمة صعب أو مستحيل مع الأجهزة والبرامج المتطورة والشبكات العنكبوتية المرئية وغير المرئية، فما كان يلقب بـ «الأخ الأكبر» هناك اليوم «أخ أكبر منه» في تلك الشبكات السرية.
كلمة أخيرة ومهمة للأهالي، عليكم أن تتقدموا خطوة إلى الأمام لمتابعة الأمور الإلكترونية، ولا تشعروا أبناءكم أنكم جهلة في هذا الموضوع، والرقابة مهمة مع العين الحمراء لكي لا يفلت العيار، ويصبح داخل كل غرفة من منازلنا مدمن مخدرات رقمي، وأعلموا أن المروجين يسبقوننا دائماً بخطوة، ودائماً ما يكونون متلونين، لذا المتابعة والدراية والمعرفة هي أحجار عثرة في طريقهم الربحي.
مع هذه المخدرات الرقمية المدمرة بصمت، علينا أن نترحم على زمن صلبوخ وصنقوح، أيام كانوا يتنشقون سماسيم، ويحرقون يعاريف!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد