بقلم - ناصر الظاهري
«آيدكس»، هو شبيه بالعرس الصناعي الذي تفرح به العاصمة كل عامين، وهو ملتقى للإبداع، وعندما نصفه بالعرس، فلأننا نفهم المعرض برعايته وحضوره ومكوناته وضيوفه والمشاركين فيه بما هو أكبر من سوق سلاح، إنه ملتقى للإبداع العسكري، والحوار السياسي، والوقوف على ما يقدمه عدد من كبريات الشركات والمؤسسات العالمية والمحلية والعربية، وما تتطلبه حاجتنا وحاجة المنطقة من وسائل دفاعية، كما أننا نفهم «آيدكس» كرسالة من الإمارات إلى العالم، بأننا نحب السلام، ونسعى إليه، ونحرص على توفير مقوماته، وكان توقيع معاهدة الأخوة الإنسانية، وحضور التحاور الديني بين المسيحية والإسلام بزيارة قداسة البابا وشيخ الأزهر، دليلاً على نبذ الإرهاب بأنواعه، وخلق روح التسامح بين الشعوب، وهي رسالة يشاركنا في صنعها العديد من الأصدقاء والأشقاء، فيأتون بلادنا ليلمسوا حجم التقدم والازدهار في ربوعها، ولنخوض معاً حوار الثقافات والمساهمات في النهوض الإنساني والنهوض الحضاري، قبل رفع السلاح أو التهديد به شأن غير المتعقلين ولا الحكماء، وشأن الساعين نحو وهم السيطرة والتوسع على حساب خرائط جيرانهم الجغرافية.
يعد معرض آيدكس الذي أصبح عنواناً جميلاً للإمارات، وحدثاً تقليدياً تستضيفه العاصمة أبوظبي كل سنتين، من أهم المعارض التي تستقطب أرباب صناعة التسليح وإمداد الجيوش، بحيث أصبح مدرجاً على خرائط المعارض المتميزة في العالم، وهذا تطلب جهداً في بدايته غير عادي، ودعماً غير مسبوق، ورهاناً على النجاح كان وراءه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وطموحه للغايات الكبيرة، وصبره على الأشياء، ومعرفته بالنجاح وإدراكه.
واليوم.. قادرون نحن في الإمارات أن نمنح هذه التظاهرة الدولية بعدها الإعلامي والترويجي والسياحي، مثلما قدرنا أن نواكبها في السنوات الأخيرة بالأبحاث والدراسات المتعلقة بنشاطاتها ومجالاتها المتخصصة، وهو نوع من الإطار الثقافي والفكري وفن الدبلوماسية الناعمة، يصب في نجاح وتميز معرض «آيدكس» عن المعارض العالمية الأخرى، وخاصة بعد دمج معرض الدفاع الدولي «آيدكس» مع معرض الدفاع البحري «نافدكس» مع مؤتمر أبوظبي العالمي لـ«الأوفست».
في «آيدكس» الذي تشارك فيه 1310 شركات من 62 دولة من الفرص ما يساهم في تمكين المنطقة من أداء دورها ورسالتها في التوازن الإقليمي، واستقطاب نوع مميز من رؤوس الأموال، واتجاهات الاستثمار الحديثة، فالمؤسسات العسكرية والشركات الكبرى لم تعد محصورة في دورها العسكري بل امتد دورها ليشمل الاستثمار وبناء العلاقات الدولية وإقامة المشروعات، والمساهمة في البحث العلمي من أجل خدمة الإنسان. الكثير من الاختراعات العسكرية أخذت الآن بعداً عالمياً وخرجت من سريتها لتخدم الحضارة الإنسانية مثل الإنترنت وغيرها.. لنشارك «آيدكس» أفراحه ونجاحه المتوقع بأكثر من الأرقام الخاصة بالعقود والاتفاقيات، وبما يستحقه هذا المعرض من تقدير وأهمية عالمية كأكبر تظاهرة في التصنيع العسكري، وملتقى يدعم سبل السلام ألف مرة قبل أن يشهر السلاح مرة واحدة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد