القلاع تتهاوى من الداخل

القلاع تتهاوى من الداخل

القلاع تتهاوى من الداخل

 صوت الإمارات -

القلاع تتهاوى من الداخل

بقلم - ناصر الظاهري

أعتقد أن معظم المجتمعات العربية لا تدرك حجم التحديات التي تواجهها، وقدرتها كشعوب على فعل التغيير في عصرها الراهن، وهذه هي إشكالية عدم الفهم والوعي من الأفراد تجاه بعضهم البعض، وتجاه ثقافاتهم المتنوعة، واثنياتهم الدينية المختلفة، وهو أمر يسبب إشكاليات العيش بسلام، والتعايش في جو من التسامح، وبناء المجتمع، وبالتالي الوطن القوي والقادر على البقاء.

وحالة عدم الوعي عند الأفراد، وتعثر الفهم فيما بينهم، ولما يواجهونه من أحداث، ومشكلات دائمة أو مستجدة، مرجعه إلى قصور الإعلام الوطني، في تعاطيه بجدية وعمق للمسائل المطروحة على الصعيد الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي، ومحاولة خلق الأسئلة، والمشاركة الفعالة في إيجاد الأجوبة أو الحلول الممكنة، وتحصين المواطن بالإرشاد والتوجيه، وبناء الوعي العام المتراكم نحو ما يمكن أن يتعرض له من مهددات في الداخل أو من الخارج، وهذا لا يتأتى في حال عدم وضع استراتيجية استشرافية ومستقبلية هدفها الأجيال الحالية والمتعاقبة، لأن أي ثغرة أو فجوة سيأتي من يستغلها، ويحاول المرور من خلالها لبناء مصلحته، والنفاذ من بين أسوارها الغافلة لبث أفكاره ومعتقداته أو تنفيذّ مخططاته، وغالباً ما تكون هذه المخططات هي معاول هدم للمصلحة الوطنية، واستغلال مقدرات ومكتسبات الأوطان، والتمهيد لأجندات أجنبية، وقد يتخذ في سبيل ذلك الدين كعباءة تغطي كل النيات السيئة، لكونه أحد المؤثرات في الشخصية العربية والمسلمة، ولنصوصه رهبة، ولو كانت محرفة أو مختلقة، فأحياناً، إن لم يكن غالباً الجهلاء يثقون في القائل أكثر مما يثقون في النص، فالجاهل يسمع، ولا يقرأ، وهي مسألة يدركها المشعوذون الجدد، لذا يشوهون الأشياء بقصد محاكمة الأفراد والمجتمعات أخلاقياً، ومحاولة زرع الجهل فيه، وركونه للدروشة، وبعده عن العمل والتفكير لمصلحة التكفير، واللعب على الفقر والحاجة، وعدم العدالة الاجتماعية، وفساد بعض الأنظمة، والتقصير الحكومي، والمناداة بالثورة وقلب الهرم الاجتماعي، والمناداة بالاستقلالية والانفصالية أو إهمال المواطنة، ونبذ الوطنية، وجعل المرجعية لملة أو دين أو جماعة، وممارسة الإلغائية للآخر دينياً أو ثقافياً أو اجتماعياً.

عدم الفهم أو إدراك الوعي عند الأفراد أو المؤسسات ممكن أن يقزم مشاريع وطنية ناجحة أو يسمح للفساد أن ينخر فيها، ويؤجلها وحتى يلغيها، كما أنه يقزم أشخاصاً وطنيين فاعلين أو ينتقص من أدائهم، مثلما عدم الوعي يمكن أن يسمح بتبني سياسات خاطئة أو مغامرات غير محسوبة، وبالتالي جلب الكوارث، ونكبة الأوطان، كما أنه يمنع حريات الإبداع في المجالات كافة، وبالتالي يمنع التطور والتحضر، والسير إلى الأمام، والانضمام لركب التمدن والرقي.

نحن بحاجة لفهم النفس، وفهم الآخر، لنعمل ونتطور، ونعيش في مساحة من التسامح خضراء، بعيداً عمن يهددون قلاعنا من داخلها!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القلاع تتهاوى من الداخل القلاع تتهاوى من الداخل



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates