بقلم : ناصر الظاهري
تمثل الاستراتيجية الثنائية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات أنموذجاً يحتذى لتفعيل التعاون الصادق والبنّاء بين بلدين متجاورين تجمعهما أشياء كثيرة مشتركة، وروابط أخوة ودين ولغة وتراث متجذر عبر سنوات طويلة، إن أكثر ما نحن بحاجة إليه اليوم وفِي ظل كل هذه المتغيرات والمستجدات أن تكون لدينا رؤية واضحة، وتخطيط سليم لاستشراف المستقبل، والدخول فيه مبكراً على المستويات والصعد كافة، فالأمم تتسارع في تقدمها، وأخذ مواقعها تحت الشمس، ونحن ما زلنا في المهاترات والتخلف والعبث مشتغلين في تفاصيل تعطل وقتنا وإجادة عملنا، وآن لدولتين على مستوى المملكة بحجمها وحضورها في العالم العربي والإسلامي وموقعها ومكانتها الدينية والاقتصادية، ودولة الإمارات بقفزاتها النهضوية، ومشاريعها الحداثية، ومكانتها بين الدول الناهضة بسرعة أن تتخذا مشروعاً وحدوياً وتكاملياً في المجالات كافة، ويصبح حيّز التنفيذ، بعيداً عن المشاريع الورقية العربية التي كانت جل ميزانيتها تصدر للمؤتمرات واللقاءات التشاورية، ولا نرى من ذلك الضجيج طحيناً ولا طحناً.
أهم ما يميز هذه الاستراتيجية المشتركة بين المملكة والإمارات أنها تنبع من نفوس صادقة ومؤمنة بأهمية المصير المشترك، وأهمية النظرة المستقبلية لهذين الدولتين، وفق منظومة وحُزم من الإجراءات العملية، ونحن هنا بصدد الجانب الثقافي الذي أرى أنه من أهم الجوانب لأن الثقافة اليوم هي عنوان للهوية، وعنوان حتى للحروب القادمة، والجميع في العالم كله يراهن على الثقافة كخندق أخير للدفاع عن إنسان هذه الأوطان، إنما أقصده بالثقافة، هو الثقافة الشمولية والمتكاملة، ثقافة التغيير للأحسن، ثقافة الفعل والتفاعل، ونشدان الأجمل، ولأن الأشياء المشتركة بين المملكة والإمارات كبيرة وكثيرة، وهذا أمر يمكن أن يسهل الإجراءات وسيرورة العمل وحرق المراحل، وتكميل الدور، وخلق صورة زاهية تمثلنا، وتمثل منجزاتنا في المجالات كافة، ونهضتنا الحضارية، وهناك الكثير الذي يقال في مسألة التكامل الثقافي، ودفع أمورها نحو آفاق عربية وعالمية، ولدي بارقة أمل أن مثل هذا التعاون وتنفيذ رؤية البلدين وقائديهما، مرفودة بقيادات شابة لديها آمال وتطلعات نحو الأفضل، يمكن أن يكون نبراساً لدول عربية أخرى لم تجد ضالتها بعد في عمل عربي وحدوي يمكن أن يدفع بآمالها وأحلامها نحو غد مشرق ومزهر لها ولشعوبها العربية بعيداً عن أحلام الورق التي قتلتنا عهوداً ودهوراً!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد