بقلم -ناصر الظاهري
قد تنطبق كل الأمثال على العرب في بطولة كأس العالم، ليس أولها ولا آخرها، العودة «بخفي حنين»، وخرجوا «من المولد بلا حُمُّص»، ورضوا «من الغنيمة بالإياب»، فالشاهد أنه لا يأتيك من تشجيع الفرق العربية إلا وجع القلب، وحرق الأعصاب، والإصابة بتلبك معوي، وجفاف وجلب اكتئاب مفاجئ، حيث لا يمكنك الرهان على أي منها، فـ«عنبر أخو بلال»، حتى دول شمال أفريقيا لمعرفتها باللعب الأوروبي، ولانخراط معظم اللاعبين في فرق أوروبية، ولتجاربها السابقة في اللعب الجماعي ولتشابه الكرة عندهم مع الكرة الأوروبية، لم يكونوا قادرين على الإقناع، ولا تقديم شيء مغاير يفرح العرب من الماء إلى الماء، ولا حتى يجعلهم يترحمون على اللعب الجميل الضائعة نتائجه.
أمر آخر يجب على المنتخبات العربية المشاركة لاحقاً في كأس العالم أن لا يحملوا أنفسهم ثقل وهم وفرح وسخط كل العرب، عليهم أن يمثلوا منتخب بلدهم وفقط، مثلهم مثل المنتخبات الأخرى، فالإنجليز لا يمثلون إن لعبوا دول «الكومنولث» ولا «السكسفونيين»، وكذلك المنتخب الفرنسي لا يمثل الناطقين بـ«الفرنكوفونية»، فهم يمثلون إنجلترا وفرنسا، ولا يضر الدول الإسكندنافية إن فازت الدنمارك أو خسرت السويد، ولا يهم أي من الدول الإسكندنافية معنى الانتماء «الأنجلو سكسوني»، مشكلة العرب أنهم لا يتعاملون مع الأشياء على حقيقتها، ولا يسمون الأشياء بمسمياتها، فقد يكون نصف الفريق من المحترفين الدوليين، والنصف الآخر من أفضل لاعبي الأندية، ومدرب عالمي، لكن مدير الفريق، هو في الأساس مدير مدرسة إعدادية، وطبيب الفريق معار من ناد عريق، لكنه لا يعرف لاعبي المنتخب، ورئيس البعثة رجل أعمال يتعامل مع اللاعبين من مبدأ الصفقات الرابحة على الدوام، والخسارة لا يمكنه التعامل معها من منطلق نفسي، وتحفيز معنوي، وربما تعامل بمنطق العصا والجزرة، والمكافآت المنتظرة كوعد، والحرمان كوعيد، لذا كل الفتوحات العربية خائبة، وكل الصولات والجولات في مهب الريح، وكأن حالهم يقول: «أتينا من أجل السياحة والفرجة والاحتكاك غير المتعادل مع الفرق العالمية».
يبقى أمر أخير في المنتخبات العالمية، هو قوة وتأثير اللاعب النجم على بقية اللاعبين والإداريين، فرأيه في كثير من الأمور هو الماشي، ورأيه وإن كان غير سديد فهو القالط، وهذا ما لا نراه في الفرق العالمية، والإداري أو المدرب يمكن أن يقصي لاعباً نجماً، لأنه قد يؤثر على الفريق ككل، وكل شخص مرتهن بوظيفته ومتطلباتها خلال البطولة، الفرق العربية تسهر، ولا تخلص الإعداد، وقد تمارس بعض التجاوزات التنظيمية، وقد تستهتر بتمثيل بلدها، لكنهم لا ينسون طلب الدعاء لهم، ودعاء العجائز لا يمكنه أن يصنع المعجزات في كل الحالات، إن كانت المنتخبات العربية بلا انسجام، ولا لعب جماعي ولا حرفية حقيقية تحتاجها ملاعب الكرة، وعلى رأي المثل الألماني: «الله قادر أن ينقذ السفينة، ولكن على الربان أن يكون فيها، وفي مكانه الصحيح»! لكل المنتخبات العربية في البطولة الروسية مع السلامة «داسفيدانيا».
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد