بقلم : ناصر الظاهري
من الأمور المفرحة في هذا البلد أنه غني بأولاده، وأن نسبة الشباب فيه عالية، وأن نسبة المقبلين على إنهاء تعليمهم الجامعي والتخصصي مرتفعة، وهو أمر تشكو منه أوروبا العجوز، فيما يخص نسبة الشباب في المجتمعات التي أصبحت تعتمد في غالبها على الهجرات من مختلف البلدان، وخاصة ألمانيا التي تبحث عن حلول بديلة لهذه المعضلة التي تؤرق المجتمع، وقد تجلى لي ذلك من خلال المحاضرات التي ألتقي فيها بالشباب الدارسين أو ورش العمل المهنية، ومن خلال الاجتماعات التي تضمنا في مشروع من المشاريع، ومن خلال تلك الوجوه التي تظهر في المؤتمرات والمعارض والنشاطات المختلفة في الدولة، حيث تراهم في مكانهم، ويضفون عليه الحيوية والنشاط والكثير من الابتكار، والغالب فيهم ومنهم متطوعون، وهذه مسألة مهمة في العمل الوطني، وجعلها من أولويات الأمور التي يجب أن يتعلمها الجيل الجديد ويتعود عليها.
ولأن الشباب طاقة، وطاقة خلّاقة، وقادرة على التجديد، وصنع المختلف في مسيرة المجتمعات، وتحضر الأمم، كان اهتمام الدولة بهذه الفئة، بحيث توجه هذه الطاقات للعمل والبناء والرقي بالمجتمع، وكان الاهتمام الآخر منصباً على تغيير مسارات بعض هذه الطاقات التي ضلت بوصلة الطريق، وانحرفت عن جادة الصواب، وإعادة تأهيلها، وإعطائها الثقة في نفسها من جديد لتنضم إلى الطاقات الإيجابية في المجتمع، فالعقاب ليس دائماً هو الحلّ الأمثل، فالعقاب اليوم يتخذ مسارين، مسار حرمان الفرد من الحرية التي يتوق لها كل البشر، ومسار آخر هو بناء النفس من جديد، وتحميلها المسؤولية على جرعات من أجل أن لا نخسر طاقات شابة، ويمكن أن تكون فاعلة لو وجدت اليد الحانية، والعين المراقبة، وبث روح المسؤولية فيها.
اليوم.. من يرَ الإمارات، ويرَ هذه الطاقات الشابة التي تقود المجتمع في مختلف المسؤوليات والمواقع، يشعر بذاك الفخر الوطني، وذاك الإحساس الذي يمس حلمنا ببناء دولة شابة بمختلف وبكل المقاييس، تعتمد على الشباب فيها بالدرجة الأولى، ولا يضرنا من تنطع وقال: «جيل من الصغار، وعيال أمس، ومسؤولون بلا خبرة»، فالخير فيهم، والمعتمد عليهم، وهم لم يخذلونا، ولن يخذلونا يوماً، فالوقت وقتهم، والرهان عليهم كبير، داموا لوطنهم، وخدموا مجتمعهم بتلك الروح الوثّابة، والتي يطفئها العمر والتعب وسنوات الكد أحياناً، وحدهم الشباب من يصنع الفرق، ويخلق التميز، وهذا أمر أدركته الإمارات منذ تأسيسها، وأوصى به المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان طيّب الله ثراه، وأحسن مثواه.