«سيدتنا مأساتنا»

«سيدتنا.. مأساتنا»!

«سيدتنا.. مأساتنا»!

 صوت الإمارات -

«سيدتنا مأساتنا»

بقلم _ ناصر الظاهري

هكذا تلاعبت بالإسقاط اللغوي صحيفة «ليبراسيون» في عنونة ما حلّ بذلك الإرث الإنساني كاثدرالية «Notre - Dame» سيدتنا إلى مصيبتنا «Notre - Drame»، ليلتها وكأن باريس كلها استعرت، وأيادي الباريسيين والعالم معهم على قلوبهم، لأنها ليست فقط كنيسة تاريخية، رغم أن هذا يكفيها للحزن، وليست مكاناً يزوره كل عام سبعون مليون إنسان من مختلف أرجاء الدنيا، رغم أن هذا يكفيها للهلع، ولكنها كل هذا الإرث الإنساني، وأيقونة جمال لا تشبه إلا حالها، خلدتها ذاكرة الناس وذكرياتهم التي حملوها في حقائبهم للحظات من العشق والفرح والتأمل، تسربت إلى وجدان العالم من خلال أحدبها «كوازيمودو» التي كانت بالنسبة له وطنه، وسر دمعه وأحزانه، ولحظات تسارع نبضات قلبه، لأن خطى ازميرالدا الغجرية، ورقصاتها، تحدث ذلك الارتباك لقلبه الصغير الذي لا يتحمل.

بالأمس كانت كل تلك الكائنات بأطيافها حاضرة «فيكتور هوغو»، «انطوني كوين»، «جينا لولو بريجيدا»، وكل عشاق المدينة، ورواد المكان الهلعين من أن تنهار، لتصمد أخشابها العتيقة بفضل الصلوات التي تليت فيها على مر العصور، لا أدري، كان مشهد الحريق على الناس، وكأنه حريق في البيت، وبداخله فلذات الأكباد، بعض الأشياء تشعرك بأنها ملك للجميع، ومسؤولية الجميع، وذاكرة الجميع، كاثدرائية «نوتردام»، واحدة من هذه الأشياء.

ثمة نحس يلاحق باريس منذ فترة، وكأن المصائب لا تأتي فرادى، شيء من اللعنات التي تحملها كاهنات المعابد، منذرة بالشر هنا أو هناك، تلاحق كل ما هو مضيء في مدينة النور، والحزن على الثروة الإنسانية أكثر من البناء والمعمار، فالإنسان قادر أن يعيد إبداع بعض الأشياء، وليست كلها، الخسارة الحقيقة إنْ احترقت كتب أو مخطوطات أو أتت النيران على لوحات.

من بين الصعاب يتجلى جوهر الإنسان، ويتحلى إلهامه في كيفية صنع السعادة للجميع، ويبدل دموعهم إلى شهقات فرح، وبان ذلك من خلال التبرعات السخية والكبيرة لإعادة إعمارها، والغرب إنْ تعهدوا لإرثهم نفذوه، ولو ضاقت بهم السبل والحيل، فكيف إنْ كان هذا الشيء أيقونة مقدسة في قلب باريس القديمة، والتي لا يقدر الإنسان أن يزور باريس أو يمر بالمكان ولا يجد عموداً أساسياً فيه، ركناً مشعاً، وآية جمال، وأنغام أجراس تعودت عليها الأذن، وضبطت عليها ساعات اليد، كيف يمكن أن يغيب هكذا فجأة وسط الرماد والأنقاض؟ كيف حال الناس الذين كان صباحهم يبدأ من هناك، وخطواتهم الأولى تمر من هناك، وحال المقاهي التي يتسمر زبائنها أمام مشهد قدسي، تتلألأ أنوار زجاجه المعشق، طارحاً هيبة من ماضٍ عريق، شاهداً على الوقت والتاريخ وأحداث الزمان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سيدتنا مأساتنا» «سيدتنا مأساتنا»



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates