بقلم : ناصر الظاهري
أخيراً.. خيراً أمرت الجهات المسؤولة بمنع سيارات «الشباب» من وضع لوحات محلية في عواصم التصييف الأوروبي، وعواصم التباهي الاجتماعي، وعواصم الجذب السياحي، مثل باريس ولندن، وهي خطوة لأمن مثل هؤلاء الأشخاص، وخطوة احترازية مما قد يتعرضون له من سرقة واعتداء وحتى تعصب أو عنصرية وأقلها الحقد الاجتماعي ضدهم، فالشباب العربي يتبخترون بسيارات فارهة، وتحمل لوحات التمايز الاجتماعي، وتلك النشوة الكاذبة حين يصفونها أمام الفنادق الراقية، هذه اللعبة التي يمارسها الشباب العربي والخليجي بالذات ليست موجهة للإنجليز أو الفرنسيين بالذات، لكنها موجهة لأبناء بلدهم وبلدان الخليج المجاورة حيث يتم التباهي فيما بينهم، وبغية لفت الأنظار، وخاصة الفتيات، في حين تجد مسؤولين في هذه البلدان
ستعملون سيارات الأجرة المتوفرة، وَحَدّها سيارات السفارات إن توفرت لهم في غير زياراتهم الرسمية، والمواطنون الأوروبيون لا يعيرون هذه الظاهرة أي اهتمام، أقصاها أن يتصوروا مع تلك السيارات إذا سمح أصحابها، ثم ينصرفوا شاكرين، وربما مع تعليق ساخر منهم، تبقى تلك السيارات تلمع في عيون اللصوص والمغامرين وأفراد العصابات، فكم من سيارة فككت قطعاً واختفى أثرها، وسيارات تحملها شاحنات لتغيير ألوانها بسرعة جنونية، وتبدل أرقامها الفنية ولوحاتها لتصل بلجيكا، ومنها تضيع دماؤها بين الدول.
أصحاب مثل هذه السيارات لا يسلمون دائماً، فكثيراً ما يتعرضون للاعتداء والسرقة، وربما القتل بدوافع إجرامية مختلفة، وبطريقة مجانية سمحوا لأنفسهم بأن يكونوا موضع شبهة، وتحت أنظار المتربصين، ورغم كل التحذيرات المحلية هنا وهناك، فالبعض لا يتعظ، فتجد النساء مدججات بالساعات الذهبية المرصعة بالجواهر، والحقائب النسائية الغالية، وتلك الحلي الثمينة التي تنادي اللص من بعيد، وتوز نفوس المطحونين والمهمشين في تلك المجتمعات بالسرقة، والقصص كثيرة ومتكررة حتى وصل بعض هذه الأمور للقتل والإيذاء الجسدي والابتزاز المالي.
وأذكر في منتصف التسعينيات أننا كنّا مارين بجانب امرأة عجوز وابنتيها من قطر، جالسات بجانب حديقة عامة، وكنّ يرتدين الغالي والنفيس من ساعات وحلي وشنط، ولمحنا اثنين يترصدانهن، فتقدمت قائلاً للمرأة العجوز، لكي لا يظن بي الظنون أني أقصد الفتاتين، محذراً: «خالتي.. ترا هنا حرامية، وهم وراءكم، فاحذروا، أمشوا معنا لين نوصلكم الفندق»، شكرتني العجوز كابن لم تعرفه، وقلت لصاحبيّ: «أنا بمشي قدامكم، وأنتما أبقيا وراء هذه الأسرة حتى الفندق»، كنّا ثلاثة كل سلاحنا، أنا كاميرا بعدستها الكبيرة والتي تشبه رشاش «عوزي»، طالباً أن لا يعتمدوا عليّ في المطاردة، وخاصة الركض لمسافات بعيدة، والثاني كان من الجيش، ويعتمد على تلك الدورات العسكرية التي تلقاها، وقد نسي بعض دروسها بالتأكيد، والآخر، كان «هاب ريح» وسريع الغضب، وينفع كثيراً في الاشتباك اليدوي، لذا كان يحمي ظهورنا، وبالرغم من أن المسافة بين الحديقة والفندق ربع ساعة، لكنها كانت مثل الدهر علينا!
نقلا عن الاتحاد
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع