تفكير خارج النص

تفكير خارج النص

تفكير خارج النص

 صوت الإمارات -

تفكير خارج النص

بقلم : ناصر الظاهري

اللغة العربية حين خرجت من محيطها العربي، ومن صحرائها، برز لها علماء ودارسون ومنظّرون استطاعوا أن يجعلوا منها علماً يدرس، وقننوا فنونها وآدابها، نحوها وصرفها وجذور تأويلها، وخلقوا قواميسها، وكان جلهم من غير العرب عرقاً ولساناً، حتى الفكر الإسلامي لم ينشأ فقط في حواضر العرب، إنما قيّض له مفكرون من العالم الإسلامي من غير المحيط العربي، فرفعوا سقف التفكير، وقلصوا مساحة التكفير، فكانت المدارس والمذاهب والطرق والزوايا والتكايا، حتى فن العمارة الإسلامية وبالذات المساجد لقي من تلاقح التفكير العربي والإبداع من أبناء دول العالم الإسلامي، لقد شكّل الآخر غير العربي بُعداً جديداً في نمط التفكير، والخروج عن النص ليرفد الحضارة العربية والإسلامية بالشيء المثير والكثير.

تذهب إلى جنوب شرق آسيا أو دول آسيا الوسطى أو الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفييتي، فتعجب من عمارتهم ومساجدهم وحتى قبورهم، تدهش من النظم التي اتبعوها، وخططوا بها حياتهم في ظل أقسى الظروف الاستبدادية في النظم الشمولية، تذهب إلى ماليزيا وإندونيسيا فيذهلك تصرف المسلمين، والنظام الذي يتبعون بدءاً من ضخامة المساجد وجمالها، وانتهاءً كيف يضعون أحذيتهم في مسجد يضم مائتي ألف مصل، ثمة صناديق مثل صناديق البريد تضع فيها نعليك وهاتفك، وتقفله بمفتاح، وتذهب تصلي مطمئناً، لا الوسواس الخناس أن حذاءك الغالي سيسرق، وستضطر المشي حافياً، وسيظن بك الظنون أو تضطر أن تضع نقالك في جيبك ليسمع المصلون رنينه، وتقطع عليهم صلاتهم بنغماتك التي لا تريد أن تجعلها في وضعية الهزاز.
ولا بأس أن نستعرض تجربة سنغافورة في التعامل مع الزكاة وصندوقها وجهات صرفها والاستثمار فيها، فطريقة توزيع الزكاة في سنغافورة مختلفة ومبتكرة، وجديرة بالتأمل، شأنها شأن كل الأشياء في هذه الجزيرة المدهشة في كل شيء، حيث يشكل المسلمون فيها حوالي 15% تقريباً من إجمالي عدد السكان البالغ خمسة ملايين ومائتي ألف نسمة، هذا المجتمع المتعدد الديانات والثقافات، يتخذ فيه المسلمون نظام زكاة متطور يعمل على تحويل الفقير المستحق للزكاة إلى غني تجب عليه الزكاة بعد سنوات من الإعداد والتأهيل والتمكين، فالزكاة في سنغافورة تبدأ من دراسة لحال الأسر المستحقة للزكاة، وليس لديهم حالات الغش والطمع والتخريب على المحتاج، واقتناص فرصة الكسب مثلما هو الحال في المجتمعات العربية المريضة، بعدها يقوم المجلس الإسلامي بصرف رواتب شهرية للأسر المستوجبة للزكاة، ودفع الرسوم الدراسية لأطفال تلك الأسر، كما يقوم بتعليم الآباء والأمهات، وتدريبهم لاكتساب مهنة أو العمل في نشاط تجاري لمدة سنتين، بعد تقديم رأس المال للبدء في تشغيل وإنجاح مشروعاتهم التجارية الصغيرة، بعد السنتين تكون الأسر قد تأهلت ونجحت في مشاريعها المدعومة، وبالتالي تخرج من قائمة المستحقين للزكاة، ليبدأوا في مرحلة جديدة، وهي تسديد ما صرفه المجلس الإسلامي عليهم بأقساط لا تتعدى الزكاة المفروضة على أرباحهم، وهكذا يبدأ رأسمال الصندوق في النماء والتحريك والتدوير حتى أصبح اليوم لديه فائض مالي، وكل شيء يختص بالمصروفات ودورة مال الزكاة يظهر بشفافية ونظام مالي دقيق، ومتوفر على منصة إلكترونية بإمكان الجميع تصفحها والدخول والتعليق عليها، وتصويب ما يعتقد أنه خطأ.. تحيا سنغافورة دولة حرة ذات سيادة، وذات شفافية.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكير خارج النص تفكير خارج النص



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 08:12 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة يحسم صدارته للمجموعة الثانية في "دوري الأبطال

GMT 06:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

توم هانكس يؤكد أن عرض فيلم "غرايهاوند" 10 تموز

GMT 08:32 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مانشستر يونايتد يفقد شاو في مباراتين

GMT 13:17 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أروى جودة تُؤكِّد على عدم الاشتراك في مسلسل "قيد عائلي"

GMT 07:56 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سيف بن زايد يستقبل شيخ الأزهر الشريف

GMT 00:51 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة" يرغب في ضم البرازيلي إيميرسون أباريسيدو

GMT 01:16 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

فهمي الخولي يُقرر تحويل رواية "الأرض" إلى عرض مسرحي

GMT 13:40 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة بالحجاب على طريقة الفاشونيستا صوفيا غودسون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates