بقلم : ناصر الظاهري
- أن تكون جالساً يسد أفق الحلم ضباب ودخان، غيم وغمام، فتسمع أول سقوط الخير، طق.. طق، وفجأة يلتمع وجه الأرض، وتضاء بالخير، تبتهج الروح، وتتلون بفرح البشارة القادمة.
- أن تكون ماشياً، ساهياً، فتتعثر بحجر الطريق، يجبرك أن تتوقف، تنحني غيظاً لتلتقط الحجر لترميه، فتجده يخبئ لك زهراً وحظاً لا تتوقعه، فلا تعرف إن كان أذى فتميطه عن الطريق أو تضعه تحت ظل شجرة بارد بعيداً عن الأقدام.
- أن ترى حفيداً سانداً عكازة جده، يشبع من وجهه، يصبر عليه برغم حداثة عمره، يسايره الخطى، ويبلغه محله، ساعتها يشرق الجد بعبرة، ويتمنى لو يطول عمره، ويسعد أن حفيده يحمل اسمه.
- أن تصبر مدينة على شجر غض يشرب من ماء أطفالها، ويخزّن من دفء بيوتها، ويحتل زواياها، تمده من عافيتها، وحين كبر الشجر الغض تذكر أماً كانت حانية، وعليه صابرة، فطار بأجنحة خضر في سمائها، وقال هي جنتي.
- هناك وجوه سمها الخير، أو سمها السعد أو سمها الفأل، فهي من تأتي به على عجل أو على مهل، لكنها لا تخيب، ولا تغيب، وموعدها قريب أو قريب.
- كل الكلام الذي سبق، كان كتلعثم طفل فرح بحضور غائب، محمل بالهدايا والعطايا، كان كتأتأة صبية صغيرة حلمت أنها كبرت فجأة، وصارت أنثى، وصارت لها صورة في المرآة، وصارت حمامة بيضاء تحلّ على هُدب العيون، فجأة عرفها الناس أنها كبرت، وصارت حمامة أنثى، كل الكلام كان عنها، مبدأه الفرح، ومنتهاه الفرح، كل الكلام كان يخص فتاة كانت بحجم الكف، ثم كبرت، وسميناه أول الفأل، وسميناه خير البشارة، وسميناه السعد والوعد.
- هناك أشياء جميلة تحدث فجأة، تظل تفرح كلما تذكرتها، وتتذكرها كلما فرحت، هي ببشارتها زهو قلما يتكرر، برغم أن البشارات هي من تجعل حلمنا بالحياة ملوناً، وقابلاً أن يتلون أكثر وأكثر، تلك ميزة البشارات الآتية، والمسرات التي تنتظرنا وننتظر، فلها، تلك الغالية في يوم عيدها اليوم، الدمعة التي لا تستمطر إلا من أجلها، ولها تلك الشهقة التي لا تخرج من قفص الصدر إلا من أجلها، وحدها.. ووحدها أروى فقط، من يجعل العنق يطأطئ قليلاً، لتركب الكتف فرحة أو لأطبع على خدها قبلة لا تنتهي من الحب.
نقلا عن الاتحاد