بقلم : ناصر الظاهري
- في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، هناك أماكن تشكو من قلة دبيب الأرجل، حتى يكاد النوم أن يغشى عيون العارضين، وأماكن أخرى لا تتوقف عنها الأرجل، عامرة، وبالناس غامرة:
- من الأماكن التي حظيت بطوابير من الناس، آلات الصرف النقدي الآلي، آلة في أقصى الغرب، وأخرى أقصى الشرق، حتى كثرت أعطالهما، ونفد مالهما، وحالهما يومض، ويقول: كفاية عذاب.. كفاية صرف.
- مقهى «ستار بوكس» وليس اسمه الحقيقي، من الأماكن التي تجدها مزدحمة، قهوة سائرة، وقهوة آتية، بصراحة استفدنا كثيرا من هذا الموقع الثقافي الجماهيري.
- ركن الأطفال هو العامر بالبهجة والبراءة والضحك واللعب المنطلق والصريخ الذي لا يتوقف، المهم في هذا الركن أنهم سيتذكرون يوماً هذا المعرض، وسيتذكرون الكتاب والقصص الملونة التي خبأها الأهل لهم، ومن يلعب هذا العام في هذا الركن، سيأتي بعد عام أو عامين ماشياً، وسيتوقف في أركان الكتب، وأروقة الندوات.
- من الأماكن التي تشكو، الأجنحة التي تطبع الكتب الدينية والتراثية المذهبة، والتي فقدت صدقها ورخصها وتوافرها، وإن حاولت أن تذهب باتجاه الإلكترون ولعبته الرقمية، فما زالت تحبو حبو ضعاف النعم، وفقدت بريق الصوت الراشد والناصح الذي يلعلع دون عقل.
- من الأماكن التي تشكو، الأماكن والزوايا الرسمية التي تظل تعلك كتبها كل عام، وتصدر المجلدات الغالية والخالية.
- من الأماكن التي فقدت بريقها ونكهتها هذا العام زاوية الطبخ التي كثر طباخوها، وضاعت الطبخة، فلم يحضر ذاك الحضور الطاغي مثل كل عام.
- من الأماكن التي تتوقف عندها الأقدام، مكانان أو زاويتان هما نجمتا المعرض، ركن «بحر الثقافة» وركن «الملتقى»، هما المتجددان كل عام بنوع مختلف ومغاير وجميل، أصبحا يعطيان المعرض نوعاً من الوهج والحضور الراقي.
- من الأماكن التي تشكو، ولا تعرف السبب أجنحة شمال أفريقيا، رغم أن عندهم الكثير ليقولوه، ولديهم المثير ليجلبوه، مرات ينتهي المعرض والجناح فاغر فاه أو ثمة كرتونين يتيمين لم يفتحا بعد، ما أبعد تلك الحدود، وما أكثر مكوسها، وتعطل مواصلاتها، رغم أننا في الألفية الثالثة.
- من الأماكن المكتظة بالناس وبالجيل الصاعد، أجنحة الشعر الشعبي، وكتابات الناشئة من روايات، هل يكتبون لأنفسهم، ولزمنهم؟ فنحترمهم، أم أنهم يخشون من نقد ممن أكبر منهم، ومن كتاباتهم؟ علينا أن نتريث، وعلى جيل الناشئة من الكتّاب أن يتريثوا قليلا، وعلى دور النشر الداعمة أن يتريثوا كثيرا.. وكثيرا.