بقلم : ناصر الظاهري
- لا أدري لمَ هذا الكم من العنف في النفس تجاه الأشياء الجميلة في الحياة، لا يستطيع البعض أن يذهب مرتاحاً دون أن يشوه أو يعبث بها، لا يمكن أن يرى هذا البعض شيئاً نظيفاً أو جديداً إلا ويسمح ليديه بأن تغيّر معالمه لصالح الشر الصغير الذي يسكن داخله، وكأنه بفعله ذاك يريح النفس، ويهدئ من غضبها الذي قد يكون على شيء آخر في الحياة:
- بعض الناس لا همّ لهم في الدنيا إلا جدران المصاعد الكهربائية اللامعة والجديدة، يقومون بخدشها بمسامير ومفاتيح لأناس غاضبين أو مكتئبين ويحفرون عليها آثاراً لا يمكن محوها أبداً.
- بعض الناس لا يمكن أن نطلق عليهم إلا صفة الحسد، يمر أحدهم بجانب سيارة جديدة، فيسوءه وجودها ولونها ويحقد على صاحبها الذي لا يعرفه، فيضرب باب سيارته التي يبدو أنها أصبحت مملة وضجره بالنسبة له بسطح السيارة الغالية الواقفة بجانب سيارته، ويذهب وكأنه فعل ما يريح نفسه.
- بعض الناس يظل يسحب عربة التسوق طوال ساعتين، وحين ينتهي منها يعجز عن أن يصرف دقيقة على إرجاعها أو صفها في مكانها، بل يتمادى ويلصقها بالسيارة التي تصف بجانبه، ولا يخلو الأمر من خدش أو حك أو يرميها في المواقف ليعطل الآخرين ويزعجهم.
- لا يمكن أن تدخل حماماً عاماً خاصة في المراكز التجارية، رجالية كانت أم نسائية، إلا وتصطدم بالكتابات والرسومات التي تشوه الأبواب.
- بعض الناس يعرف أن الشارع تصرف عليه الحكومة ملايين الدراهم من أجل تعبيده وتجميله وتشجيره وتنظيفه، ويعرف أن رمي الأوراق أو الفضلات تصرف غير حضاري، ويعاقب عليه القانون، ويعرف أن هناك سلات للمهملات والأوساخ كل عشرين متراً، ويعرف أن فعله مضر بالبيئة، ورغم ذلك يصر البعض على أن يعبر عن وساخة النفس والأذية التي في داخله، فيرمي فضلاته «فضل عنه» في الشارع النظيف الذي يخسرّ الحكومة الكثير.
- بعض الناس يدوسون على الزرع، أو يتركون أولادهم يلعبون بالورود أو ينزعون عشب الحدائق، معتبرين ذلك جزءاً من دلع الأطفال وتدليلهم.
- بعض الناس يؤذون الآخرين بسماعات سياراتهم، وأغانيهم الهابطة، فما إن يرى أحدهم عباءة سوداء، حتى يدير مسجله وسماعاته، ويخرج رأسه من نافذة السيارة، فإذا هو بحجم كيس البصل الهندي، ويدوخ مدواخ و«شنبه توه ما نقض».
- بعض الناس يصر على العبث بشوائب أنفه أمام الجمهور الكريم، ورغم أنه يقرأ الاستنكار من عيون المشاهدين الأعزاء، فإنه يواصل الحفر العميق، حتى يلوّع كبد زوجتك الحامل، ويعكر مزاج ويوم «نتالي»، ويحرج المواطنين من كثرة الاعتذارات بالنيابة عنه للآخرين، خاصة للسياح الأجانب.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد