بقلم _ ناصر الظاهري
هي مقامة تصف «ضرب القفا ولطم العلبا ومَسّ العس»، وهي مسميات اختلف عليها اللغويون، وسادنو الثقافة في تحديد الفروق بينها، فالبعض يفرّق بين العس والعليبا أو العلبا والقفا، لكنهم جميعهم يجمعون على أنها تلك المنطقة التي تحتل الرقبة من الخلف، كساحة مهملة في طرف البيت، والتي عادة ما تكون عرضة للضرب، واللطش واللطم والهَفّ، وهي كالوجه تحمرّ إذا ارتبك صاحبها، وتشبّ حرارة، إذا ما وقع في حرج أو مشكلة مالية صعب الخلاص منها سريعاً، وهي مهمة، ولا يستهزأ بمكانتها، فالعليبا التي تسكن على حوافها شعرات مقطقطات، يمكنها أن تتحمل الكثير من دون شكوى، والبعض بدلاً من أن يربي عضلاً، يربي قفاً، والعليبا لا تتشابه، فعس الأسكتلندي تختلف عن عس السيلاني، هذاك حرام لو تبات عليه ليّلية اصلاه صليل، ما قال:
آه، أما السيلاني فصفعتان من يد شرطي غير متمرس، وسيقرّ بأفعاله، ويمكن أن يعترف على بقية أفراد العصابة على الفور، عليبا سواقي الشاحنات والمصارعين والجزارين، مثل جذع النخل أو جذع سمر بابس، أما عليبا المحاسب فهي دائماً متعرقة، رطبة، تخشى أن يغشها أحد على الدوام.
العس والعليبا والقفا يخص الرجال من دون النساء، فعندهم هي عرضة للتصحر، والتغيير المناخي، أما النساء فيتحلين برقبة مغطاة بشعر أنثوي، لكنها لا تتباهى بإظهار تلك المنطقة غير المحايدة، وإن فعلت بتسريحة ذيل الحصان كان أجمل وأرشق، ولقد رأيت عليبا لأناس كثر، لكن مثل عليبا الفاشل فلا يوجد، تجدها مرتخية، ومتخاذلة كفوطة صغيرة مبلولة، وحدها عليبا الناجح تجدها متوثبة، وغير قابلة للتأويل.
ومن العليبا التي يمكن أن تصادفها في الحياة، ولا تعني غير الكد والتعب المضني، عليبا المعلم، كثيرة الاحتمالات، والتي قد تستغل أثناء الإجازات الصيفية، ومن نصابين مبتدئين، هناك عليبا قابلة للتصديق، وعليبا ممنوعة من الصرف، وبعدين.. الحياة كلها عليبا وقفا وعس، وما قامت الثورات إلا لأن العليبا لطمت، والقفا أهين، والعس مس، وكم من زعيم كان قادراً الاحتفاظ بكرسيه، لو حافظ على عليبا المواطنين الكرام، وعلينا في كأس العالم القادمة أن نشجع العليبا التي تعرف طريقها للمرمى، لأن يا ما عليبا أفريقية شجّعناها، وظهرت من الدور الـ 16، وبعدين.. تعرفون شو الفرق بين برشلونه، وريال مدريد، عس مسي، ولو عندنا كل مدرب أخذ باله من عليبا اللاعبين، لما فرّط بالكاس، وهناك دول نامية تفكر في بناء أبراج، ولا تفكر في عليبا مواطنيها، ولو تسألنا لما لاس فيغاس، لا تشكو من أزمة مالية؟ لأنها تضع نصب عينها قفا المواطن، وعليبا المقامر، وعس المستفيد المغامر، حتى قادة الثورات الانفلاتية، الانقلابية، عادة ما يطلبون من الشعب في البيان رقم واحد، أن يكون شعارهم بعد التخلص من الاستعمار، شعب واحد، عس واحد!