نبكيهم من حبهم

نبكيهم من حبهم!

نبكيهم من حبهم!

 صوت الإمارات -

نبكيهم من حبهم

ناصر الظاهري


كثيرون وجب علينا حين نودعهم أن نودعهم بمقدار ما ألفوا هذا المكان، وقدموا لهذا المكان، وأفنوا عمرهم من أجل هذا المكان، وأبوا أن لا يدفنوا إلا في ثرى وطنهم الإمارات، الذي ما أعدوه يوماً، وطناً ثانياً، ولا بديلاً، ولا مكاناً عابراً، فهم وأبناؤهم وأحفادهم عاشوا، وعملوا، وخدموا، وبعضهم اختاروا الوداع هنا، كنوع من الانتماء، والولاء، لبلد طالما تبادل معهم الضحكة والدمعة، وحمّلوه بعطر ذكريات عمرهم، فلهم في كل ركن ذكرى، وسيرة ظل. كبروا كما كبر الوطن، وحتى حينما فرضت السنون قوانينها، وتقاعدوا، لم يتقاعسوا، وظلت قلوبهم كما كانت على العمل، وعلى الوطن، وعلى الإنسان، كانوا ينشدون الإتقان، والتفاني والإخلاص، ويحبون أن تكون الأمور، كما ينبغي، وكما يطلبون من أجلها الاكتمال.

د. طارق المتولي واحد من هؤلاء المخلصين الذين قدموا إلى أبوظبي في بواكير أيامها، حين لم يكن هنا شيء غير الخير، وتلك القلوب الطيبة، وأحلام بأن نغير ما بأنفسنا، لنبني وطناً، وإنساناً، مختلفاً، ومسالماً، ومتحضراً، حلّ طارق المتولي، وعائلته الكريمة في مدينة العين أولاً، بعد أن أنهى عمله الدبلوماسي كسفير لبلده العراق، حين كان العراق عراقاً، عربياً، ولا يختلف عليه اثنان، وحين كان العراق عراقاً قوياً، ولا يتجاحد عليه اثنان، في بلدان عديدة، وقدم خبراته، رهن الشيخ زايد - طيب الله ثراه- وعمل مع صاحب السمو الشيخ خليفة، حفظه الله، وأدام عليه موفور الصحة والعافية، كمستشار قانوني، سنوات طويلة مضت، وهو في خدمة الواجب، ورهن المطلوب في مهمات عديدة. وحين كبرت أبوظبي، زهى د. طارق المتولي، لأنه كان يعد نفسه ممن ساهموا، وعملوا، وقدموا، للحب الذي يكنّه للوطن والناس، وهذه الأرض التي منحته أشياء يعتز بها، أجملها أولئك الأولاد، وترعرعهم هنا، وتعلمهم هنا، وعملهم هنا، فكانوا مفخرة الأب والأم، والإمارات، ثم تنقل الدكتور والمحامي طارق المتولي، وسافر، وقرأ، وبلّغه الله بالأحفاد، كنت ألتقيه، حينما كانت تسنح الظروف، وكان يزورني كمكرمة لا أستحقها، مرات عديدة يتصل ليعلق على موضوع في العمود، أو يناقش موضوعاً عاماً في الشأن العربي والدولي، وكان أشد ما كان يبكيه الانكسارات والهزائم المرة في العراق، وما آل إليه وضع بلد العز والحضارات!
بالأمس ودعنا طارق المتولي، تاركاً حزّة في النفس، وغصة في الحلق، ودمعة هاربة، باردة سكنت محجر العين، لأنه كان جزءاً من هذه المدينة التي يعرفها والرمل أبيض، ويتذكرها كباطن كفه الأبيض، بالأمس غادرنا، فيا حزناه، متستراً بالأبيض.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نبكيهم من حبهم نبكيهم من حبهم



GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

لحظة تأمل

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

حرب الجنرال الغائب

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

كِتاب غزة

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

الحرب الثالثة ماذا بعدُ؟

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

«أوديب».. وقد غادر الطائرة

GMT 04:25 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

وزراء كانوا هنا

GMT 04:24 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

القرار الخاطئ

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates