مشاغبة المطر للمدن

مشاغبة المطر للمدن

مشاغبة المطر للمدن

 صوت الإمارات -

مشاغبة المطر للمدن

ناصر الظاهري

لما المطر وحده قادر أن يسحبنا للطفولة البريئة، ويسجننا في أيامها الملونة بالشجر واللون الأخضر، بتلك الرمال المحناة بالثرى ولون الزعفران، نتذكره حينما يأتي بتلك الزخات وبالهميل، نظل نسابق الغيمة الشرود، ونشيد المرازيب، نتمنى مثل كل الطيور أن يدوم ويدوم..

لا يخرجنا من فرح قدومه إلا الليل، ونداء الأهل، وحكايا الجدات في المساء، نظل نستصيخ السمع لما يحدثه المطر خارج البيوت، وأمنياتنا أن نصحو على ذلك الطهر، وكيف يغسل الأشياء بنقائه، وما تركه في النفوس من حبور.
اليوم لما يناظر أطفالنا للمطر من خلف الزجاج، ونخاف عليهم مما يحدثه المطر، ونخاف عليهم من البلل، ومن الشجر إن حركت الريح أغصانه، ونخاف عليهم من الوحل، نمنع عن فرحة لقياه حفاة، يدبكون أو عراة يغتسلون، نترك المطر وحده في الخارج، ونجلس نتصنع الضحكة في الداخل، ونترك الشجر وحيدا يتراقص دون حس الأطفال وضجيجهم، ومعنى سعادة الأشياء، باتت البيوت حائلًا دون المطر، بتنا نحن ساتراً دون المطر، وحين تمطر غيمة، قال أطفالنا ثمة غريب في الخارج، دون أن يعرفوا حقيقة المطر!

غابت أغاني المطر، ولم يعرف الأطفال معنى أن يأتي المطر برّعوده، ويكسر حوّي سعّوده أو يأتي المطر من عند الله، وكسر حوّي عبدالله، اليوم يأتي المطر ويغني الأطفال أناشيد مطر صناعي من أغاني برامج كرتونية، ولا يدركون معنى الحيا والغيث والبركة، فلا برّية، ولا مراع، ولا بهم، ولا جيران الأمس!

ثمة قطيعة بين مدننا الجديدة، وبين المطر وطقوسه القديمة أو ربما هي تبدو أنها بغير حاجة للمطر، فالمطر يربك وتيرتها العصرية، ويزعج تأنقها الزجاجي، ويفضح إسمنتها المصطنع، لذا إن غاب المطر عنها أو حضر، تتساوى عندها الأشياء، فلا بهجة للحضور، ولا دمع للغياب، وحدنا نحن سكان المدن القديمة نخبئ فرحتنا في صدورنا حتى نستبشر بنفة مطر أو نظل نرنو للسحب السابحة علها تجود بخير حتى كيف يصنع فينا تلك الآه.. آه الرضا.

وحدها تلك المدن التاريخية، الموغلة في تربة الزمان يفرحها المطر، ويعني لها الشيء الكثير، للطرقات الضيقة فيها، لها من رائحة المطر، لتلك الأبواب الخشبية، ثمة صرير لا يحدثها إلا حين يأتي المطر، لدراويشها وحراسها نشوة صوفية حين يحضر المطر، وتحضر أسراره، لعشاقها ثمة نوافذ من فرح، وصبر يفعل فيها المطر، ويجعلها سامرة، ساهرة تمدح الليل والقمر، تطرز أغانيها فرحة بنف المطر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشاغبة المطر للمدن مشاغبة المطر للمدن



GMT 01:10 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

طريق الخسائر والكبائر

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عون رئيساً لاسترداد لبنان

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الدبلوماسية العربية ــ الدولية وجمهورية لبنان الثالثة

GMT 01:08 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عجائب الزماني... لابن الأصفهاني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

كرة القدم... نقطة تجمع وطني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

«مكرم هارون»... واحدٌ من النبلاء

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الرسائل الإلهية

GMT 01:05 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الاستمارة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 15:08 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعراض واقع القطاعات الخدمية والمشاريع التنموية في طرطوس

GMT 02:16 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 17:31 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة نجمة البوب الكورية سولي عن عمر ناهز 25 عامًا

GMT 00:04 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

صورة "سيلفي" تحول جسد فتاة إلى أشلاء

GMT 23:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل خليل يؤكد أن الجمهور ينتظر بشدة منافسات كأس آسيا

GMT 21:06 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

علماء يختبرون مواد كيميائية تعمل على محو الذكريات

GMT 13:23 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

رواج في حركة بيع العقارات بالعبور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates