أرواح على عروش الماء

أرواح على عروش الماء

أرواح على عروش الماء

 صوت الإمارات -

أرواح على عروش الماء

ناصر الظاهري

هم المهجّرون، لا المهاجرون إلى شواطئ أوروبا، ومدن الصقيع، هروباً من الذل، باتجاه الإذلال.

المهاجرون الحقيقيون يَهربون، ويُهربون من أجل أولادهم الصغار ومستقبلهم، لا أنفسهم التي يرخصونها غالية لهم اليوم، المهم أنه بالنسبة لبكرا شو؟
ما أبشع الاستغلال، ثمن رحلة العذاب في ذلك القارب المطاطي تتعدى الثلاثين ألف دولار، ووجوه كالحة تبشر بالنُذر، وهي أغلى من الضعف عن الركوب في مقصورة الدرجة الأولى المريحة، وسط وجوه تصنع الابتسامة.

نشط في رحلات التهجير والتهريب مردة وشياطين، لا تعرف من أي طينة خلقوا، أو نار، سؤال أبدي: لأجل ماذا يقدمون على فعلتهم التي تحمل رائحة الموت؟

في رحلات الموت هناك، مُتاجر بالأعضاء البشرية يترصد ذاك القارب المطاطي المحمل بأكثر من حمله، وتكفي رصاصة من بعيد لتثقبه، وترميه لائثاً على الشاطئ أو مستقراً في القاع من ثقل الجثث التي تنتظر مباضع حديدة جاهزة للبتر، وللبقر.

في رحلات الخوف، وطريق البحر المجهول يقبع المُهرب في زاويته البعيدة على اليابسة، غير مرئي، وربما يتجرع كؤوسه في شقة مستأجرة على البحر، والربان هو أحد الهاربين، تعلم كل شيء في ليلة مظلمة، وعلى عجل.

في رحلة الهروب والتهريب الجماعية، يمكن للحابل أن يختلط بالنابل، وليس كل من على تلك المركب من الأبرياء، والمغامرين من أجل حياة فيها الحرية والتقدير والكرامة، بحثاً - لا نقول عن وطن- ولكن عن موطن نظيف.

في رحلة الهروب الجماعي، ثمة جماعات متطرفة، مُهَرّبة بطريقة مدربة، لتغذي الخلايا النائمة في أوروبا لحين، وحتى يكفّ البحث.

في تلك القوارب المطاطية، ورحلات السير المضنية، والنزيف على الطرقات، يظهر وجه الإنسان البشع الذي ينهش، وهو يلهث، ولا يعرف الشبع حتى من الدم المراق أو المستباح أو المتخثر من شدة الخوف والستر.

ثمة تجّار على طرفي الشاطئ، تجار يُرَحِلون، وتجار يستقبلون، والجميع ينادي على بضاعته المستوردة، ثمة طرقات تُعد للشحاذة، ومواخير تُعد للمسافدة، و«بازارات» للنخاسة والنجاسة، وأوكار عصابات تستقطب مجرمين عتاة، ومجرمين في طور التدريب، وأشبال يعدون كطلائع للمجاهدين من أجل دنيا يصيبونها، وما تبقى يساقون كعمالة غير ماهرة، وسوقهم السوداء.

رحلات فوق الماء، وتحت السماء، ولا رحمة تستمطر، ولا يد شفقة تمتد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أرواح على عروش الماء أرواح على عروش الماء



GMT 06:29 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 06:28 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 06:27 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ساركوزي في قفص القذافي

GMT 06:26 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

نعم يا سِتّ فاهمة... الله للجميع

GMT 06:25 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

المجتمعات المعنفة!

GMT 06:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ثورة الاتصالات والضحايا السعداء

GMT 06:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماسك... رئيس الظل أم الرئيس المشارك؟

GMT 06:23 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

لبنان يستسلم لاختيار عون!

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates