محمد الجوكر
هناك عبارة شائعة «شاهد على العصر»، والحقيقة إذا كان هناك حقيقة شاهد على العصر في تاريخ الصحافة الرياضية، أقول منذ أن فتحت عيناي على الصحف الرياضية في السبعينيات، حيث كانت الصحف اليومية لا تتجاوز اثنتين شبه يومية، وتنشر الأخبار في أقل من نصف صفحة، قبل أن تتحول إلى صفحة كاملة عند الضرورات، وكانت الصحف آنذاك، تصدر بكامل صفحاتها تساوي نفس عدد صفحات الملاحق الرياضية التي تصدر اليوم مع صحفنا.
حيث يصل إجمالي الصفحات إلى ما يقارب 100 صفحة رياضية يومياً من الصحف الثماني الصادرة كل صباح، وفي تلك الفترة اشتهرت أقلام وأسماء صحافية في المجال الرياضي، لبعض الكتاب المعروفين في عالمنا العربي، وبالذات من جمهورية مصر العربية.
حيث تصل صحفها لانتشارها بين شقيقاتها الأخريات، وظلت بعض الأسماء محفوظة في الذاكرة، من الصعب أن تنساها بسهولة، لأنها بالفعل كانت مدارس مهنية في الأخلاق والقيم، ومن الصعب تكرار هذا الجيل الذهبي والعملاق في الصحافة الرياضية العربية، وهو الذي تميز بالأداء النوعي والكيفي في التعامل مع الجانب الخبري والتحليلي، وتقديم الاستشارات لأصحاب صناعة القرار الرياضي، بل كانوا يسألون في كل القضايا الرياضية اليومية، وكانت لهم كلمتهم المسموعة، بحكم التجربة الغنية التي يتمتعون بها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الراحلان عبد المجيد نعمان ونجيب المستكاوي، اللذان زارا دبي ورافقا وفد الأهلي المصري، عندما لعب أمام النصر وخسرها بهدف مقابل لا شيء، وأيضاً الراحل ناصف سليم، الذي زارنا كثيراً بحكم قبضته على رئاسة الاتحاد المصري للكرة الطائرة، وبحكم أنه كان مراسلاً لجريدة الاتحاد في فترة رئاسة خالد محمد أحمد، عندما عينه مستشاراً لرئيس التحرير للرياضة، رحمة الله عليهم جميعاً.
* وقد أشرت من قبل منذ فترة ليست بالقصيرة، إلى المجموعة التي كانت تعمل هنا من إخواننا العرب الذين جاؤوا وقدموا وساهموا في تطور الحركة الصحافية الرياضية، ولا يختلف اثنان على ذلك، وفي نفس الفترة، عايشت مجموعة من الزملاء الأوائل الذين جاؤوا للعمل هنا واستقروا لمدة طويلة، وأصبحت الإمارات بلدهم الثاني، لا يستطيعون أن يتركوها مهما دار بهم الزمن، فعاشوا منعمين مع أبنائهم، وقدموا عصارة جهدهم خلال فترة الغربة، التي لم يشعروا بها، فصارت بلادنا دار حنان ورعاية لكل هؤلاء المخلصين، الذين احتفلنا بهم بالأمس في مناسبة رياضية هامة في مسيرة الرياضة الإماراتية، وهم من الجيل الذين حفروا في الصخور وعملوا مخلصين في العمل الصحافي، وارتبطوا بعلاقات واسعة مع المصادر، واستفادت صحافتنا من خبراتهم، وحان وقت رد الجميل لهم، فهذه الأمنية راودتني منذ عدة سنوات، لتتحقق فكرتي وحلمي بعون من الله، وبتشجيع من القيادات الرياضية، الذين أكن لهم التقدير والاحترام، فكانوا خير عون لي في تحقيق هذه الرغبة الصادقة، التي لا أخفيكم، قد أخذت وقتاً طويلاً مني، حيث تحملت المشقة والتعب والاتصالات والترتيبات، لكي يرى حلمي الصحافي من الجانب الاجتماعي الإنساني، يتحقق بفضل من المولي عز وجل، ولا بد أن أتوجه بالشكر لكل من وقف معي، وساندني بدون استثناء، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وعملاً بهذا الحديث، فإنني أقدم الشكر أولاً لله رب العالمين، على نعمه الظاهرة والباطنة،
حيث وفقني الله إلى تحقيق تلك اللحظة التاريخية لأي صحافي، عندما يرى هذا الحب والالتفاف، وتشكره على جهوده وعطائه، فقد أسعدتني كل الكلمات الصادقة خلال الحفل، أكرر شكري وتقديري لكل من حضر الحفل أمس من القيادات التي مثلت المؤسسات والأسرة النصراوية، والأعزاء في الإعلام الرياضي.. والله من وراء القصد.