علي أبو الريش
لم يزل المدعون يقذفوننا بمصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان، يغالطون الحقيقة، فينشرون اللغط والرهط والشطط والغلط ويعبثون في الهواء الطلق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي القنوات الموبوءة بالفتنة وداء المجازفة باتجاه الادعاء والافتراء.. الآن، وفي حومة الوغى، وعاصفة الحزم تدك أوكار الحوثيين، يظهر من بيننا من يعكس الصورة ويقرأ الكتاب بالمقلوب، ويحاول أن يعبث بصفاء الحقيقة، ويدعي أن ما يتم هو ظلم وعدوان على اليمن.. ولا ندري عن أي يمن يتحدث هؤلاء، فهل عن اليمن الذي ضاعت سيادته بعد أن أنيطت المهمة لطائفة باعت الشرف الرفيع من أجل انتماءات ضيقة وطائفية، ووجهت البوصلة باتجاه خارج تأبط شراً، وعزم على النفاذ إلى الأوطان العربية، محمولاً على أكتاف أحلام تاريخية وهمية.. هل يتحدثون عن يمن أصبح بؤرة خطر على المنطقة بعد أن تغلغل الحرس الثوري في أحشائه وأرجائه وصار «صنيعة» مرهونة لأيدٍ وعقول أطماعها الغوغائية تجاوز حدود جغرافيتها، وحدود طاقتها وقدرتها، عن أي يمن يتحدث هؤلاء ويرغون ويزبدون، ويملؤون الفضاءات غباراً وسعاراً، وعن أي ظلم يتكلمون.. فالظلم الذي حاق باليمن هو عندما فكر الحوثيون أنهم سيكونون رديفاً لحزب الله في لبنان، بل أوسع من ذلك.
فعندما وجهوا سلاحهم باتجاه عدن قادمين من صنعاء المنكوبة كانوا يريدون أن يكونوا رأس حربة في باب المندب، ليكملوا طوق الخنق والشنق على المثلث الجغرافي المبتدئ من سوريا ثم العراق، ومن ثم اليمن.. الظلم الذي حاق باليمن، هو عندما تحالف الشيطان مع «الفلتان» ووضعا الإمكانات كافة لأجل تحويل اليمن إلى ساحة قتال، وإغراق «الديمقراطية» المدعاة، بدماء الفوضى والانشقاق والانغلاق، والانطلاق نحو مآرب أخرى آلت باليمن إلى خراب وفقر وجهل وانعدام أدنى وأبسط الخدمات الإنسانية..
وأما الذين يطالبون بضرب إسرائيل قبل ضرب اليمن، فهم الذين أضعفوا القضية، بانشقاق مدعوم بنوايا ضيقة، ومصالح حزبية مقيتة، وجعلوا من موقعهم في غزة «كانتون» يفصل الرأس عن الجسد، ما جعل إسرائيل تسرح وتمرح، مستفيدة من هذا الهوان الفلسطيني الذي سببه أصحاب الخطابات المشروخة.