في الصيف أنتِ ثلجي

في الصيف أنتِ ثلجي

في الصيف أنتِ ثلجي

 صوت الإمارات -

في الصيف أنتِ ثلجي

بقلم : علي أبو الريش

في الصيف السماء مظلمة عملاقة، شفافة، تتسلقها خيوط من نار فتنسلّ هاربة من الأرض، يبدو التراب مثل الحجرات والجدران التي تخبئ البرودة في داخلها، تكتوي ظهورها باللهيب، الناس يغادرون والطائرات حاملات سجايا ونوايا وجواز السفر مختوم بالتجوال والترحال وتبقين أنتِ، أنتِ وحدك في الصيف ثلجي، وعناقيد النخل قلائد على نحر وصدر، في الفجر يغرد عصفور التعب باحثاً عن قطرة تبلل الريق، وتطفئ الحريق لينام القلب هانئاً مستقراً وتهدأ الأجنحة من بعد فرار وسعار.

في الصيف أنتِ ثلجي وساقيتي ومنهلي، ومعطف القلب يخبئ كلام الروح عندما كان الصيف صيفاً، والصحراء حجرة بحجم الحرقة التي كانت تطهو جلد الأبرياء وهم يتقلبون على حصير ووسادة من قماش محاك بخيوط العوز.. في الصيف أنتِ ثلجي وعيني التي تراقب الطير مزقزقاً يخلب اللُّب ويسلب القلب ويقارع الأغصان في العزف على أوتار هواء لا يأتي.. في الصيف أنتِ ثلجي وكل الكائنات تحيي نخوة الأوفياء الذين سفوا سعف الحياة من أجل خيمة تدفئ وعريش يهفهف على أفئدة تعرقت من شديد الجلجلة، وقلقلة اللواعج، حين يكون الصيف أصفر من الرطب، حاراً مثل النواعس حين يخضبن الكفوف إيماناً واحتساباً بأن الحب انتماء وولاء ووفاء.
في الصيف أنتِ ثلجي ولواعجي ومهجي التي لا ترتاب ولا تغتاب في الأصل مثل باب ينفتح على آخر كي تلج الأفنية نسائم وحمائم وحشمة الأولين الذين روّضوا الصيف بالمراوح وحرضوا الأرواح كي تكون من جنس الملائكة، وطوقوا الأعناق بالأشواق لأن العشاق لا يكتوون ولا ينكبون ولا يسكبون إلا عرقاً أشبه بما تنضحه الجراف وقت نزوح الحر، إلى ضواحي النخيل والسواقي الجاديات، الناهلات، الملهمات، المسهبات في النث والحث والبث.

في الصيف أنتِ ثلجي، نخوض في السهر على تلاوة الأحلام ونجوِّد ما جاش في القلب وما شب في النفس ثم يكتب قصة الصيف الذي جاء وحرك الكوامن وسوء الخُطا إلى حيث يسكن العشب والخصب والصخب والركب والحطب والرطب.. في الصيف أنتِ ثلجي، فلنكتب عن خصال الذين ما عاقوا الوصول إلى شهب أو سهب، أو رطب لأنهم عشاق لأنهم تناموا كنف قصيدة عصماء أبياتها من سنابل، والقافية ابتسامة فرح كلما غنى بلبل يشخب الروح شدوه ويمتلك الوجود بتغاريد أو قصت النجمة وأرعشت الغيمة حتى صار الحلم وعداً وعهداً ومجداً ووجداً وحدّاً من حدود التضاريس التي لا يحدها عقب ولا يكدها نكب.. في الصيف أنتِ ثلجي، هفهافة الزمان، ريانة المكان.. أنتِ.. أنتِ وحدك في الصيف تسردين قصة الرجال الذين أبهروا عندما أبحروا وأدهشوا عندما هشت لهم قلب الصحراء، فأينع الغاف والسمر وأضفى ظلالاً على الرؤوس التي تكللت بالطموحات الكبيرة وتجللت بالأهداف السامية حتى صار الرمل المحروق باللظى سجادة، خيطت بالأنامل منسوجة من حرير الأحلام الناصعة.

في الصيف أنتِ ثلجي ومدارس وحواري ومساري، أنتِ المكانة والرزانة، أنتِ كل ما في الأمر، وما طاف في السهر، فقط لأنك أنتِ هي أنتِ، أنت التي أعطيتِ وأبديتِ وأسديتِ، ومنحتِ حتى صار الكون كله يحكي قصة الصحراء عندما أضحت جناناً تلونها أجنحة الطير وقلوب الناس الطيبين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الصيف أنتِ ثلجي في الصيف أنتِ ثلجي



GMT 09:41 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحلامهم أوامر

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

العربية هي الأرقى

GMT 14:04 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

في معلوم السياسة في مجهول الكياسة

GMT 22:27 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبراج الإمارات السعيدة

GMT 21:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

في يوم العيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates