الشر المتأصل الشر المتصل

الشر المتأصل الشر المتصل

الشر المتأصل الشر المتصل

 صوت الإمارات -

الشر المتأصل الشر المتصل

بقلم - علي أبو الريش


كلمة الشر مستوحاة من الظلام، كما أن الخير مولود من النور. 

ولا نستطيع أن ننكر أن الشر موجود في الأصل كما هو الخير، وإذا عدنا إلى مقولة فرويد الذاهبة إلى أن الإنسان المتحضر لم يزل يحتفظ ببقايا عصر الغاب.

 فإن الشر لا يمكن أن يُمحى من الوجود، طالما النية باقية في استحضاره كلما احتاج الإنسان للشر ليواجه شراً مقابلاً.

 كما لا يمكن أن يكون الإنسان شريراً بحتاً والخير موجود في أصله.

فهذا الفيلسوف الإغريقي، أوغسطينوس، الشاب الماجن والشبق، يتحول إلى فيلسوف مثالي، يستند في تفكيره إلى مثالية أفلاطون، وخطابية شيشرون المتسمة بالعفة، وشعرية فيرجل المتسامية. 

إذن هُناك لغة لا شعورية تلهج إلى التغير، كما ذكرها أوغسطينوس نفسه، والذي سبق بها فرويد، ويؤكد أوغسطينوس أن الإنسانية محاطة بهالة من الشر، لكنها أيضاً مسكونة بالخير، وتلعب الظروف الحياتية دوراً محورياً في صياغة الشخصية وتحويلها من حال إلى حال.

من هذا المنطلق، وجدت الحركات التنويرية في العالم فرصتها في بث النوازع الخيرية في النفس البشرية، من خلال الدعوة إلى إخراج الإنسان من الجبرية والقدرية، إلى نظرية، «إما، أو»، وهي الإرادة الحرة التي تدفع بالإنسان إلى حسن الاختيار، وإلى التحرر من البراثن، والذهاب إلى الحياة من دون أفكار مسبقة، كما ذكر روسو.

التربية الأخلاقية، هي ماء النهر الذي من خلاله يستطيع الفرد أن يخرج من المستنقع إلى البحيرة الصافية. قلة من الناس يفعلون ذلك، وآخرون يبقون تحت كومة من النفايات، لأنهم استأنفوا تربيتهم الأخلاقية من خلال هذا الركام البغيض، ولأنهم بفعل فاعل، استمرؤوا هذا العيش اللئيم، ووجدوا فيه ضالتهم، تحت كومة من المصطلحات الغرائبية التي لا تفسير لها إلا غياب الوعي.

فعندما تسمع عن قيام مجموعة من الشباب بالاعتداء على ثلاث فتيات بريئات، بعد التنكيل بهم، ومن دون أي ذريعة، سوى ذريعة الاختلاف الديني، وازدراء الآخر، تشعر أن الإيحاءات الدينية، جاءت ملغومة بأفكار مسبقة، سوداوية، عقيمة، لا يقتنع بها إلا من به شرر ذاتي وحقد كهنوتي فج وفظ.

لا يمكن تفجير الحفر العميقة، وحرق النفايات، كي لا تفوح رائحتها النتنة، إلا بوجود الوعي، وإدراك أن الاختلاف أصل الوجود، ولولا تعاقب الليل والنهار، ولولا تتابع الفصول الأربعة، ولولا دوران الأرض حول الشمس، ووجود المد والجزر، لما استمرت الحياة، فالحياة هي حركة ورحلة طويلة وبلا نهاية.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن صحيفة الأتحاد 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشر المتأصل الشر المتصل الشر المتأصل الشر المتصل



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates