لا نحب الأشياء لأنها جميلة

لا نحب الأشياء لأنها جميلة!

لا نحب الأشياء لأنها جميلة!

 صوت الإمارات -

لا نحب الأشياء لأنها جميلة

بقلم - علي أبو الريش

نحن لا نحب الأشياء لأنها جميلة، بل حبنا لها يجعلها جميلة.

 حواسنا هي التي تزين مشاعرنا، ومشاعرنا الجميلة هي التي تسقط جمالها على الأشياء فتبدو جميلة.

مشاعرنا مثل البحر، عندما تكون صافية، نرى الأشياء في عمق البحر بوضوح، ونراها جميلة. عندما نكون في كامل مزاجنا، وفي حلة من المشاعر الزاهية، نشعر بجمال الوجود من حولنا. 

فلو تأمل إنسان في الوردة وهو يواجه مشاعر متناقضة ومضببة ومضللة، فلن يرى في الوردة سوى وريقات تافهة لا معنى لها، ولو نظر إنسان إلى امرأة في كامل الحسن، وهو واقع تحت سطوة مشاعر من البؤس والأسى، فلن تسقط عيناه على عينين جميلتين، ولا يمكن أن يلمح في الوجه المليح الذي أمامه ما يلفت نظره، لأنه في هذه الحالة يكون في وضع الأعمى الذي غشيته غلالة سوداء، حجبت عنه الرؤية ووشحت الجمال بلحاف أغبر لا لون له.

الإنسان هو صانع الجمال، وليس الجمال الذي يكتسح مشاعره، الإنسان يرى ولا يرى، وفي الحالتين فهو محكوم بمشاعره مرسوف بكمية هائلة من النوازع والتصورات والتخيلات، ولو لاحظنا كيف تتحول مشاعر القبول أو الرفض في لحظات متسارعة لدى الفرد الواحد، ولو شئنا أن نتأمل كيف تتحول المشاعر من سيولة فيّاضة، إلى مكعبات مغلقة وحادة صعبة الملمس، شديدة الحموضة، نلاحظ ذلك في العلاقة بين الأزواج والمحبين، فلو أن أحدهم شعر بخيانة الآخر له، فسوف يتحول الحب إلى جحيم، والشعور بجمال الطرف الآخر إلى قبح، يستدعي النفور والتقزز أحياناً.

مشاعر الحب هي التي حوّلت الطرف الجميل إلى كائن تشمئز منه النفس، ولا طاقة للطرف الآخر من النظر إليه، ولا حتى قبوله، فقط لأن الإحساس بالخيانة، دمّر تلك المشاعر السابقة، وأحلّ محلها مشاعر البغض والكراهية، وعلى أثرهما يرى الكاره الشيء الجميل كريهاً، ولا يمكن للنفس تقبله، لأن الإحساس بوجود الخيانة قد أباد الشعيرات الدقيقة التي كانت تعبر عن زهو المشاعر المرهفة، وتحولت الشعيرات إلى حبال سميكة وقديمة، يكسوها الغبار وويلات مشاعر متأججة كألسنة النار، وبدت العلاقة بين الاثنين مثل ما هي العلاقة بين مفترسين، كلاهما يريد أن يفتك بالآخر، وكلاهما يهم بافتراس الآخر، ليمحو آثار العدوان المتخيل، وكلما أعاد الطرف المجني عليه صورة الخيانة، كلما اتسعت رقعة الإحساس بقبح الطرف الآخر.

إذن فالجمال هو داخلي، وينبع من إحساس الإنسان بالأشياء، وليس موجوداً في الخارج.. كما أن الثقافة تلعب دوراً محورياً في تشكيل الصفات الجمالية في الأشياء الخارجية.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن صحيفة الأتحاد 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا نحب الأشياء لأنها جميلة لا نحب الأشياء لأنها جميلة



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates