بلا ذاكرة

بلا ذاكرة

بلا ذاكرة

 صوت الإمارات -

بلا ذاكرة

بقلم : علي أبو الريش

أتخيل لو أن أحداً من الأشخاص فقد هاتفه ماذا سيحصل؟ بالطبع سيقول لقد ضيعت نفسي. لماذا؟ لأن الناس اليوم أصبحت الذاكرة لديهم محصورة في قلب كائن صغير بحجم كف اليد.

هذا الكائن صارت له السطوة والسيطرة على كل معارك الإنسان الحياتية، فهو حافظ للأرقام والأسماء والأماكن والصور والمشاهد، وحتى النكات والحكايات الهزلية.. وأعتقد أنه بعد حين من الزمن ستصاب الذاكرة بالضمور والذبول والتلاشي، وقد يتطور الأمر إلى وجود عقل بلا ذاكرة، بمعنى أن الإنسان سوف يجهل ماذا أفطر في صباح اليوم وماذا أوصته زوجته ليشتريه لها من السوبرماركت، وسوف تدور معارك طاحنة، وخلافات ومشاحنات قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
الهاتف النقال نعمة ولكن بقدرة قادر يتحول إلى نقمة لأن استغناء الإنسان عن ذاكرته يؤدي به إلى مزالق خطيرة، ويدفعه إلى ركوب موجات عالية قد تطيح به وبمصيره، ولو عاد الأولون الذين يحفظون المئة بيت من الشعر، سوف يضحكون، ويسخرون، ويسخطون، ويولولون، ويصابوا بالإحباط، لأن أحفادهم، خبؤوا الذاكرة في محفظة موبايل، أشبه بلعبة الأطفال وصار يتحكم بهم وبسلوكهم.

ومع مرور الزمن سوف ينسى الناس، الموبايل نفسه، ولن يستطيعوا العثور على مكانه وبالتالي سوف يلهثون بحثاً عن ذاكرتهم الضائعة، عن عمرهم المتلاشي في غضون شرائح معدنية دقيقة هي كل ما يحتويه هذا الجهاز السحري الرهيب.

فأنا أتخيل أن مجموعة من الناس ضاعت منهم هواتفهم يسيرون في الشارع بلا هواتف، بمعنى بلا ذاكرة، فكيف ستكون أشكال هؤلاء الضائعين المضيعين؟ كيف سنراهم وهم يتخبطون مثل طيور حل عليها الظلام، فضاعت منهم بوصلة الوصول إلى الأعشاش.. أتخيل هؤلاء أنهم بعد زمن قصير سوف ينسون الطرق المؤدية إلى بيوتهم، وقد ينسون وجوه أطفالهم ومن ثم زوجاتهم وهنا تبدأ المعضلة الكبرى.. فأن ينسى إنسان وجه زوجته فتلك طامة تؤدي إلى حروب ودماء ومحاولات يائسة إلى الإخضاع وطلب المغفرة، وجدال عقيم، سقيم، لا يشفي غليل زوجة، ولا مجال هناك للاعتذار، إلا إذا فكر الرجل في حيلة «الهدية» التي يشع لها بريق العيون السود ويسيل اللعاب ولكن ربما يكون ثمن المصالحة باهظاً لا يكفيه راتب شهر بأكمله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلا ذاكرة بلا ذاكرة



GMT 09:41 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحلامهم أوامر

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

العربية هي الأرقى

GMT 14:04 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

في معلوم السياسة في مجهول الكياسة

GMT 22:27 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبراج الإمارات السعيدة

GMT 21:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

في يوم العيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates