الإعمار الفكري

الإعمار الفكري

الإعمار الفكري

 صوت الإمارات -

الإعمار الفكري

بقلم : علي أبو الريش

«الأفكار المسبقة مفسدة للعقل».. روسو.. نحتاج إلى عقل ينفتح على المحيطات، لترفرف الزعانف من دون خوف من موجة عارمة، نحتاج إلى فضاء من غير غبار ولا سعار، ولا خوار ولا دوار، ولا ستار ولا جدار، نحتاج إلى ثقافة مدارها الجهات الأربع، وسوارها فكري كجناح الطير.. نحتاج إلى حلم لا يفزع ولا يجزع ولا يجرع من حثالات ونخالات وإسقاطات.

نحتاج كي تبحر السفن إلى أشرعة بيضاء ناصعة من غير سوء، وإلى مجاديف لا تنكسر ولا تنحدر، ففي البدء كانت الكلمة نجمة تلألأت في عتمة الليل، فأيقظت الطيور، وناوشت الموجة، وداعبت أوراق الشجر.
في البدء كان الحلم، فاستيقظ أفلاطون على جمهوريته المثالية، وأثبت كوبرنيكس أن الأرض كويكب، نحن الذين نغنيه بأفكارنا المنيرة، وثقافتنا المستنيرة، وأيقن فرويد أن للعقل وجهين (باطن وظاهر)، فإن نطهر الباطن من رواسبه نكون صنعنا مجد كرتنا الأرضية، وكما قال بروناغوراس: «إذا كان العقل مستبداً فالصحوة مستحيلة»، فلننق أفكارنا من رواسبها لنبني صرح الحياة الجميلة.

نحن بحاجة إلى الحياة لنقهر الموت، ولندحر الذاهبين إلى النهائيات القصوى من الحقد والكراهية.

نحن نحتاج إلى الرفاهية الثقافية لنقذف بالنفايات في مزابل التاريخ، ونرمي من تأبط شراً في جحيم المهملات، فالدين الحياة، والحياة دين الذين يحسنون فن التلاقي، ويجيدون فن الخطاب، ويتميزون ببناء إنسانية معافاة مشافاة من درن الكراهية، وعفن الحقد، وعهن العدوانية.

الدين الحياة، ودين الحياة أن نتصالح مع أنفسنا قبل غيرنا، وأن نصفي ماء الحياة كما قال الإغريقي طاليس: «إذا كانت الأشياء جميعاً جاءت من الماء فلنصف الماء»، فلنصف الأفكار، ونذهب إلى العالم من دون غبار، الذين يحقدون كالخنفساء، عندما تريد أن تموت تذهب إلى زاوية قصوى، وتعطي ظهرها للنمل كي ينخر منه حتى نهايتها، الذين يحقدون كالنار مهما أكلت وأفنت فلابد وأن تموت، وتذهب إلى رماد نهايتها، الذين يحقدون هم أموات يسيرون على أقدام الحقد، ويتنفسون هواء الكراهية، ويشربون من دماء العدوانية، الذين يحقدون كائنات تشرذمت ذواتها، وتمزقت مشاعرها، وتدهورت أفكارها، وتضورت في تطلعاتها، وخارت وبارت وجارت وحارت، وصارت مثل مفترسات تائهة، ضاعت في غابات التوحش، وما استيقظت سوى أنيابها ومخالبها، الذين يحقدون هم مرضى مصابون بأمراض عضال لا علاج لهم إلا البتر، الذين يحقدون مثل الجراد إنْ حلوا بمكان حولوه إلى أرض يباب، قاحلة، جرداء، عشواء، شعواء، غوغاء.

الذين يحقدون لا يستحقون الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعمار الفكري الإعمار الفكري



GMT 20:13 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 20:12 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 20:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 20:08 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates