بقلم - علي ابو الريش
عندما يكون المرء بقلب الوردة، تبدو أحلامه مثل الفراشات. تحط على وريقات قلبه، تلثمنا بود، وتضع أجنحتها على الأكمام كأنها شرشف الحرير.
تئز حولها بحنان السحابات، وتنث عليها من رضاب الكائنات المقدسة. عندما يكون المرء بفكر الأنهار، تبدو أحلامه بعذوبة الماء، تند بسلسبيلها، وتمنح الحياة وميض البهاء، تكحل العيون بإثمد البريق، الأنيق، وتمضي في الدنا ملاذاً للطمأنينة.
عندما يكون المرء بمذاق الزنجبيل، تبدو أحلامه برائحة تنقش على جدار النفس صوراً أبهى من نجمة الليل، تبدو أيامه صفحات من قرطاس النبوءات الخارقة.
عندما يكون المرء بحالة التفاؤل، تبدو نبضات قلبه مثل عزف ناي، على شاطئ أغر، يبدو هو مثل عازف يلون السكون، بزقزقات تملأ الوجود، بنغم، وشجو، ونشيد يهطل بنث الغيمات، قطرات من هوى، ونسق من لهج العشاق، الناهلين من وجيب الساريات في السماء، العازفات لحن الخلود.
عندما يكون المرء بطقوس الغابة الموحشة، تبدو أحلامه مثل أرانب مذعورة، تبدو مثل غزالة بترت مهجتها رعباً. عندما يكون المرء بقلب الضواري، تبدو أحلامه مثل جيف، خرت من سقط الأنياب الخانقة.
عندما يكون المرء بفكر البدائية الأولى، تكون أحلامه مثل صخور تتدحرج من سفوح جبال مقفرة. عندما يكون المرء من نسل وجدان مخضب بدماء السوداوية تبدو أحلامه مثل فرائس جاثمة على خوفها.
عندما يكون المرء بروح واجفة، تبدو أحلامه مثل موجة متوترة، ويبدو هو مثل قبعة متشرد، توقفه النواصي، لأسباب التوجس، والريبة. عندما يكون المرء بهوية المتسكعين، تبدو أحلامه مثل شرارة فرت من موقد التصهد.
عندما يكون المرء بسمات الخنفساء، تكون أحلامه مثل رائحة النفايات، ونتانة البقايا، وعفونة الفضلات. عندما يكون المرء، بخصال الحنظل، تكون أحلامه، حاذقة، مرة، مفزعة.
عندما يكون المرء بشؤم الغربان، تكون أحلامه نعيقاً يفزع الطيور، وتحيق بالمكان كآبة، وقنوط، وسقوط في حفر اللا شيء. عندما يكون المرء بذهنية الخرافة، تصبح أحلامه كهفاً مظلماً لا يرى فيه غير أشباح، وأرواحاً مبهمة.
عندما يكون المرء بسجايا الجمرات، تصبح أحلامه رماداً، يسمل العيون، ويرهق كاهل المهج. عندما يكون المرء بطفولة عدمية، تصبح أحلامه دمى قديمة، حطمتها أصابع مشاغبة. التفاؤل وحده يصنع أحلاماً ناصعة، والتشاؤم لا ينتج إلا وجوهاً كالحة.