في التعلق مضيعة للذات

في التعلق مضيعة للذات

في التعلق مضيعة للذات

 صوت الإمارات -

في التعلق مضيعة للذات

بقلم - علي ابو الريش

التعلق حب مرضي يؤدي إلى ضياع الذات، وذوبانها في مصهر الآخر من دون وعي، ومن دون «إرادة القوة» التي تمنعك من الذهاب إلى الخارج، وأنت في كامل الإدراك.

التعلق بالآخر، من دون وعي، كمن ينشر ملابسه على مشجب مهترئ، سرعان ما تلقي به الريح على أرض رثة.

التعلق ليس إلا علاقة بين شخصين، أحدهما نكص إلى مراحل مبكرة من الحياة، وآخر لا يملك تلك العاطفة الهوجاء التي تطيح ثوابت العلاقة المتكافئة، بين الأنا والآخر.

عندما تتعلَّق بفكرة، فأنت تذهب إليها بعينين مغمضتين، لا ترى ما بداخلها، بقدر ما أنت تتلمس الغلاف الخارجي.

ويصدق أفلاطون الذي شبه التعلق بالأشياء، مثل الذين يعيشون في الكهف المظلم، فهم عندما تسلط عليهم الأضواء الكاشفة، لا يَرَوْن غير الظلال، أما الحقائق، فتبقى خلف ظهورهم.

هكذا يصبح الشخص المتعلق، أنه كائن لا يرى غير أشباح الأفكار، والأشخاص، فيظل متعلقاً، باللا شيء، وقد يرتكب الأخطاء الفظيعة، ويدمر نفسه، ويقضي على غيره، ظناً منه أنه أمسك بزمام الحقيقة، وأن ما يقوم به هو الحقيقة الدامغة.

فقد يحب شخص شخصاً آخر، ويمتلئ بمشاعر التعلق، ويصبح ذاك الشخص هو أناه التي يمتزج بها، ويعيش لأجلها، ولا يستطيع التنفس من دونها، بينما الآخر يفكر بمنطق الذات المستقلة، التي لا يروق لها الاندماج بالآخر، إلا لأجل تحقيق ذاته، وليس ذات الآخر، ومن هنا تبدأ المشكلة المجلجلة، التي تهوي بالطير المتعلق من عَل، إلى الحضيض، وتصبح الخيالات الناصعة، مجرد فقاعة، تنتفخ، فتنفجر، ويصير الكائن المتعلق إلى ضياع، يأخذه إلى متاهات العدمية المرة.

وقد يتعلق شخص ما بفكرة ما، وتصبح هذه الفكرة الحيّز الضيق الذي يطوف في دائرته المغلقة، ولا يستطيع العيش خارجها، الأمر الذي يدفعه إلى محاربة العالم دونها، وبرغم ما في هذه الفكرة من سوداوية مهلكة، وبرغم ما فيها من عيوب مدمرة، إلا أنه لا يرى تلك العيوب، لأنه تلاشى في الفكرة، وأصبحت هي التي تقوده، وليس هو القائد، إنها العربة المعطوبة التي أنزلته من منحدر جليدي إلى الحضيض، فلا يستطيع مغادرتها، مهما بلغ به الخطر، ولا يستطيع الثبات على خشبتها المتآكلة، وفي نهاية الأمر، يذهب الأعمى والعربة، إلى سحيق، محيق، لا مفر منه، إلا إعادة الوعي، لمن فقد الوعي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في التعلق مضيعة للذات في التعلق مضيعة للذات



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates