منطق الصحراء

منطق الصحراء

منطق الصحراء

 صوت الإمارات -

منطق الصحراء

بقلم : علي أبو الريش

للصحراء لغة تبدو مثل رقرقة الماء، مثل رفرفة الطير، مثل هفهفة الشجر، هي مثل كل ذلك في منطق العفوية، ولم تكن لذرات الرواقية عند زينون سوى نظام السكينة وطمأنينة الوجود وهدأة العقل وكأنه يلملم خطواته باتجاه الفكرة المتوجة بفصاحة المنطق، وحصافة التواصل مع الآخر اللامتناهي، هناك عند الأسئلة المفتوحة إلى آخر الزمان.

في قلب الصحراء، تكمن الحقيقة، وتمتزج الألوان مثل حبات التراب، بل كل شيء في الصحراء ترابي، حتى الأفكار تكون برائحة السليقة من غير مفردات تنكس أعلام المشاعر، من غير سفن تقلب طموحاتها أمواج الحماقة، من غير أمنيات يسخطها الكبت.

في الصحراء كل شيء يزهو بوريقات الفرح والترود، وازدهار المعنى، لا شيء يعرقل الجياد، ولا شيء يعيق رحلة الركاب إلى تلال الاخضرار النبيل، ولا شيء يشد اللجام، لأن الصحراء مسك الأيام وبخور التاريخ الذاهب إلى حتمية الأزدهار، بقدرة الأغصان الفارعة، وذهب الرمال الأبدية.

في الصحراء هناك حيث بدأت الخليقة تشكل لوحتها الفنية، وتصيغ قصيدتها الفذة، فترى الأشياء، في تفاصيلها من غير تدخل ما ليس له معنى، وليس له لون أو وجه، بل كل الوجوه تبدو مثل أهداب الشمس، تغسل ثوبها من عند ضفاف الدلالة العميقة، وتصدح ببوح أصفى من عين غزالة برية، لا ضجيج يكدرها، ولا عجيج يحجبها.

في الصحراء تمضي الخطوات، وكأنها في عمق النهر، وتخرج ويضيئها وميض البراءة، وهي في المسافة ما بين رمش الطير، وجفن الحقيقة وأنت السارد لأحلامِك تحدو ما يجيش في الذاكرة، متأملاً فضاءك بخيلاء الراهب في سكينة القدسين، وعرفانية أوشو العظيم، وشمولية الحياة.

في الصحراء تتجلى الفكرة مثل إلهامات الجلال في بحر الحكمة، وتسطع الكينونة كأنها نبرة القلب في صدرة الأطفال، وهم يهمون لالتقاط الكلمة الأولى في أول العمر، وتكون للحب لغة تتخلق في رحم الكون، وحروفها من سكنات النجوم، ورهبة القمر، وبرهان ما ينفتح على السماوات، والأرض.

أنت على مهد الصحراء صبي في عمر الزهور، لك بريق النجمة، ونثة الغيمة، ونداوة المطر، وأغنيات البلابل وهي ترتل أناشيدها الأزلية على خاصرة غصن، أو عند نهد ثمرة، ولا تكن إلا ما تطلع عليه الأشجار من فتنة في هذا الحفل البهيج، ورقصة (الغيتا) ساعة التسامي.

في الصحراء تنسجم مكونات الحياة مثل الدماء في الجسد، وتتناغم المفاصل الدنيوية في لحظة من خلق جديد تضيع فيه كل المزعجات، وتصبح أنت في الكل، فرداً يولد من جديد ويقول المسيح (إن لم تولدوا من جديد، لن تدخلوا الجنة).
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
  نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منطق الصحراء منطق الصحراء



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates