ظلام الداخل يُطفئ نور الخارج

ظلام الداخل يُطفئ نور الخارج

ظلام الداخل يُطفئ نور الخارج

 صوت الإمارات -

ظلام الداخل يُطفئ نور الخارج

بقلم - علي ابو الريش

عندما يكون الداخل مظلماً، فلن ترى للخارج نوراً. كن مضاءً، ترى الوجود بوضوح. لا يشعر الإنسان بالكآبة، في الخارج، إلا عندما يكون داخله مثل كسوف الشمس، وخسوف القمر.

الكثير من الناس يغادرون أماكنهم بحثاً عن السعادة في أماكن أخرى، ولما لم يجدوا مطلبهم، ينفرون ثقالاً، محملين بمشاعر القنوط، والسخط على الخارج.
كل ما في الأمر، أنك إذا شعرت بقتامة الخارج، فأدر وجهك إلى الداخل، وسوف تكتشف أن غيمة داكنة تفرش ملاءة سوداء في داخلك، ففتش عن السبب الذي جعلك هكذا غائماً.

دائماً ما نعيب الزمان، ونسقط عليه كل مصائبنا، وفي حقيقة الأمر، أن هذا العيب الخارجي، ما هو إلا نتيجة مباشرة لإسقاطات داخلية، نحن الذين أسبغناها على الخارج، لنهرب من مسؤوليتنا، ونتملّص من التزامنا تجاه الوجود.

الإنسان لا يجرؤ على لوم نفسه، أو توبيخها فيذهب إلى الخارج، لينشر على مشجبه ملابسه الرثة، ويظل مقطباً مكفهراً وسبابته تشير إلى الخارج، لسهولة إلقاء نفاياته، في مكب الخارج.

الضعفاء مثل الذي أصيب بحرق، فبدلاً من أن يهم بإطفاء الحريق وإنقاذ نفسه، يظل يجري ذاهباً إلى الخارج يطلب النجدة، ولكن الخارج بعيد جداً عن مرمى بصره، وما أن يصل يكون قد لقي حتفه، بعد أن أتت النار على كامل جسده.

العتمة الداخلية لا تجعلك ترى شيئاً، هي تعيقك عن الوصول إلى النور الخارجي، فلا ترى ماذا يحدث في الخارج، لا ترى غير الظلام الدامس، وترى الناس مثل الأشباح المخيفة، ولذلك تصف كل شخص تصادفه، بالشيطان، وتظل علاقتك بالآخر مضمحلة مشوبة بوجيف ورجيف، ولا حل لهذه المعضلة إلا بكنس كمية الغبار التي علقت في غرفتك الداخلية ومن ثم شيئاً فشيئاً، تستطيع أن تتبين الصور الخارجية، وتكتشف الملامح بشكل طبيعي، وتبدأ في بناء علاقة سليمة، مع الآخر من دون توجس أو ريبة.

ولكن هذا التصرف يحتاج إلى جهد، وإلى عمل جاد وقدرة فائقة على تجاوز كل الأكوام من الأوساخ التي لحقت بك خلال فترة زمنية ليست بالقصيرة، ولكن ليس من المستحيل أن تتحرر من الظلام، فكل شيء ممكن، المهم أن نملك الإرادة، وأن ننتهي من ظلامنا الداخلي، ونسلط الضوء الكاشف على مناطق العتمة ونعرف الأسباب التي أدت إلى هذا الإظلام التام، ليصبح الداخل من دامس إلى قابس، ومن غيمة إلى نجمة، ومن نقمة إلى نعمة، ومن صحراء إلى فيحاء، ومن صخب إلى نخب، ومن جدب إلى عذب، ومن نكد إلى رحب، ومن سهد إلى رغد.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظلام الداخل يُطفئ نور الخارج ظلام الداخل يُطفئ نور الخارج



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates