لا الشمس ولا الموت يمكن التحديق فيهما

لا الشمس ولا الموت يمكن التحديق فيهما

لا الشمس ولا الموت يمكن التحديق فيهما

 صوت الإمارات -

لا الشمس ولا الموت يمكن التحديق فيهما

بقلم - علي ابو الريش

«لا الشمس ولا الموت يمكن التحديق فيهما» لا روشفوكو. هو هكذا الإنسان المتحامل على نفسه، يريد النور، ويخشى الشمس، ويسعى إلى الحياة ويهاب الموت، في حين أن هذه المتناقضات جاءت دفعة واحدة، فالنور لا يتكون من دون الشمس، وكذلك لولا الموت ما كانت حياة.

الإنسان يحمل في داخله جل المختلفات، لكنه يود أن ينتقي بعضها، ويترك بعضها، وهذا سر تعاسته. لولا النور لما التقط الإنسان ثمرات عيشه، ولولا الموت لما عرف الإنسان سر الحياة فالموت ليس ضد الحياة، بل هو مكمل لنسقها، كما أن النور مكمل لنسق الشمس.

في داخل كل المتضادات، مكملات، وفي صلب المختلفات خيط رفيع ربما لا نراه، ولكننا نلمسه، هذا الخيط هو القاسم المشترك بين كل المتناقضات التي لا وجود لها بدونه، فالموت ليس نهاية، كما أن الحياة ليست بداية، نحن في الدائرة، ونحن في محيطها، ومركزها، فلا دائرة من دون محيط، ولا دائرة من غير مركز، لا بد من التحديق في الاثنتين حتى نعرف أن ما نراه هي الدائرة، ولا بد من التحديق في المتناقضات ككل حتى نفهم ما تعنيه الحياة، وما يعنيه الموت، وحتى تكتمل الدائرة التي نحن في صلبها، وحتى تستمر الحياة لا بد من اعترافنا بالموت، كحالة مكملة للحياة، ليس هناك تناقض في الأساس، الإنسان هو الذي صنع هذا التناقض ليبرز في الوجود كائناً متفرداً يبحث عن شيء ما، ألا وهي الحياة، مثلما يفعل مع الشمس، أنه يتحاشى ضوء الشمس، ليثبت أنه يبحث عن الضوء، من مكان ما غير مكان الشمس، الإنسان أكبر كائن مراوغ، فلا عجب أن يصنع المتناقضات، ليعيشها درءاً لضعفه الكامن في داخله.

الإنسان ضعيف، بل أضعف من أصغر نملة، ولولا وجود العقل، لما أصبح هناك إنسان على وجه الأرض، فالإنسان لا يملك غير العقل، بينما تملك الكائنات الأخرى أكثر من قوة مقاومة، وتواجه الوجود بإرادة قوة لا يمتلكها الإنسان، ولذلك لجأ الإنسان إلى خلق المتناقضات، فالضعفاء هم الذين يختبئون خلف المتناقضات ليخفوا ضعفهم ويهربوا من تأنيب الضمير.

فهل يستطيع الإنسان أن يعيش على سطح القمر؟ إلى الآن لم يصبح ذلك ممكناً ومع ذلك، فالإنسان يسعى إلى ترتيب أوضاعه، لعل وعسى أن يستطيع، لماذا؟ فهل ضاقت الأرض بالإنسان حتى يفعل ذلك؟ نعم لقد ضاقت الأرض بالإنسان، لأنه أصبح كتلة من المتناقضات، التي تنوء بها الأرض، وتعجز عن حملها الجبال. الأمر الذي جعل الإنسان يذهب إلى القمر ليس للسكنى، بل للتخفيف من أوزار المتضادات.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا الشمس ولا الموت يمكن التحديق فيهما لا الشمس ولا الموت يمكن التحديق فيهما



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates