بقلم - علي ابو الريش
قد يكون الحب خدعة نمارسها مع الآخرين لإخفاء عقدة نقص كبيرة آلمت مشاعرنا.
قد يكون الحب خدعة، لأننا نريد أن نمارس الحياة بعيداً عن ماضٍ ملوث بضحالة علاقتنا مع الآخر، خاصة الأقربين.
قد يكون الحب خدعة لأننا لم نذق طعمه في طفولتنا، فيصبح مجرد ترقيع ثوب قديم، لا جدوى من إصلاحه.
قد يكون الحب خدعة، لأننا لم نتعلم كيف يكون الحب، فنطلق مشاعرنا مثل الجوارح، نمزق بها مشاعر الآخرين، لنجعلهم طعاماً لجوارحنا الداخلية ولا نبالي إن كان ما نفعله على حساب من نمزقه، ونجعله فريسة من فرائسنا.
قد يكون الحب خدعة، عندما نظن أن الحب تملك، وسطوة، وسيطرة، واستيلاء على الآخر، ومحو أثره، وإخفاء خبره، وتحويله إلى لا شيء، كي نحضر نحن في الوجود.
قد يكون الحب خدعة، عندما لا نجد ما نعطيه للآخر، ونظل نحن فقط الذين نأخذ ولا نشبع، ونمتص الرحيق ولا نقتنع، ونشرب من النهر، ونقول هذا لا يكفي، ونخض الشجرة المثمرة، ونقول هذه جرداء، ونمر في التضاريس الواسعة ونقول هذه بقعة ضيقة، ونسير في الشعاب، والهضاب، ونقول إنها قاحلة، ونمضي في الحقول اليانعة، ونقول إنها عجفاء، بلا عشب، ونكتب القصائد الحزينة، ونسرد القصص بمرثيات كئيبة، ونقول عن عالمنا، إنه عالم مكتنز، بالعواقب، والنكائب، والمصائب.
قد يكون الحب خدعة، إذا تخيلنا أننا يجب أن نكون محبوبين، ومن دون شروط، وألا يقنط الآخر، من مطالباتنا التي تشبه السيل الجارف، وألا يقول لا حتى في ساعة إحساسه بفشلنا في مقابلة الحب بالحب.
قد يكون الحب خدعة عندما لا نفهم معنى الحب، ولا وعي أنه حالة تجلٍّ، وموت الأنا.
قد يكون الحب خدعة عندما لا نملك غير كلمة حب، أما ما بين سطورها، فهو خارج عن قاموس وعينا.
كل هذا يجعل الحب مجرد محاولة للتحليق من غير أجنحة، كل هذا يجعل الحب مجرد خرافة، نتناقلها من موروث، غيب الكثير من المعاني، واحتفظ بالتقليد.
كل هذا يحدث، ونحن نغيب عن الوعي، ونسترخي على أريكة مهترئة، تتقطع على أثرها مفاصل مشاعرنا.. كل هذا يحدث ونحن نصنع أجنحة للحب من رغوة صابون رديء، ونعتقد أننا نظفنا قماشة إدراكنا، بأجمل ما نملك.
كل هذا يحدث، ونحن في الحب، نصنع خدعتنا، أوثان ذاكرتنا القديمة، كل هذا يحدث، ونحن نعتنق الحب، مثلما تفعل الخفافيش في الليل البهيم.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد