الماضي يضيء الحاضر

الماضي يضيء الحاضر

الماضي يضيء الحاضر

 صوت الإمارات -

الماضي يضيء الحاضر

بقلم : علي أبو الريش

بعض الناس ما إن تذكر لهم الماضي يجفلون، ويصيبهم الفزع لذكر أيام خلت وتولت وأدبرت، لكنها لم تزل تختزن في ذاكرة المخلصين لما مر وعبر، وترك بصمته في القلب مثلما يفعل الكي في الجسد.

الماضي الأساس الذي بني على عاتقه الجدار السميك، والذي من خلاله نرى بلادنا وهي ترفل بحلي الحياة الزاهية، وتنعم بزخرف التطور الذي جعلها واحدة من أجمل بلاد العالم.

نحن بحاجة إلى استدعاء الماضي، وإلى الوقوف أمام مرآته لنرى أنفسنا كي لا نهرب من الحياة، ونذهب بعيداً في غابة النكران، ونعيش بلا ذاكرة ولا تاريخ. فالتاريخ هو سجل الأوفياء، وهو مخبأ الثوب الذي يجمع حصيلة تطلعات وطموحات كانت هي الضوء الذي أنار طريق الأجداد، ليحددوا مكان تفوقهم على الظروف العصيبة، والخروج من نفق العازة إلى باحة النعيم الذي نحن فيه الآن، فلا يمكن لأمة أن تخرج إلى الوجود هكذا فجأة من دون مقدمات تؤدي إلى كتابة التاريخ بحروف من حرير، وكلمات من رحيق النحلة التي كانت تبني خليتها عند قمة أشجار السمر، وبين أغصان أشجار الغاف.

نحن بحاجة إلى الماضي لأنه الموجة التي تغسل سواحل تهورنا من الشطط واللغط والغلط، نحن بحاجة إلى الماضي لأنه السحابة التي تبلل تربتنا وتمنع عنها التصدع والتشقق، وتنبت بين تلافيفها أعشاب الحب، وتلاقي الأكتاف من أجل الذهاب إلى المستقبل بأضلاع لا تنحني لريح، ولا تنثني لعواقب.

نحن بحاجة إلى الماضي، لأن الماضي فيه رائحة عرق الأب والأم، وكل من عجنوا طحين الحياة، وأشعلوا تنانير الفجر، لأجل أن يستمر النور وضَّاءً في شرايين الذين سيأتون من بعدهم، ولذلك عندما نجد شخصاً يتأفف لمجرد ذكر ذلك العريش الذي ضم أشجان الناس الطيبين، نشعر بالأسى ويعترينا الشعور بالاشمئزاز، وينتابنا الجزع من نفوس ضيقة، وضاقت بها الدنيا، وأصبحت مثل أزقة تراكم فيها الغبار وسعار الدواب المتوحشة، عندما نجد شخصاً يتقزز من سيرة البحر وأطفال الماضي عندما كان لا وسيلة لهم غير الماء المالح لتغيير المزاج اليومي، نكن لهذا الشخص الاحتقار لأنه كائن منسلخ من وجوده، ولا ولاء له إلا للعبثية، والعيش في اللحظة، وترك التاريخ تسوطه رياح الاستنكاف والتبختر في أسواق الرغبة الهاربة من مخدع الكينونة. نشعر بالأذى من أشخاص، الماضي بالنسبة لهم ثوب قديم يجب عدم ارتدائه، لأنه يحمل بقعاً سوداء، ويعبر عن تاريخ الأفراد، وليس المجتمع. هذه هي معضلة من ليس له علاقة بالحياة غير البحث عن شجرة بلا جذور.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

المصدر : جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الماضي يضيء الحاضر الماضي يضيء الحاضر



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates