اللامنتمي

اللامنتمي

اللامنتمي

 صوت الإمارات -

اللامنتمي

بقلم -علي ابو الريش

الشخص اللامنتمي، هو كائن منعزل دخل في الغرفة الظلماء وانكفأ هناك، حيث لا نور ولا حفيف أشجار تغير من مستوى هبوب الهواء، وتدخل إلى صدره الأوكسجين.

هذا الشخص مثل شجرة الغويف لا تخبئ تحتها سوى الأفاعي والعقارب وجحور الثعالب.
هذا الشخص يعاني في الأساس من جوع عاطفي نتيجة تربية أحيطت ببيئة جافة صلبة باهتة شاحبة بلون الرماد.

ومن تحت هذا الرماد، يخرج لهيب العنف، وتنتشر شرارات الكراهية، ويصبح الفرد جاهزاً لارتكاب أشكال العدوانية كافة ضد الآخرين، لأنه لا يحمل في داخله ما ينتمي إليه، وبالتالي فهو يضرب بقلب شرس ومن دون هوادة، لأنه لا يجد ما يردعه من قوانين عاطفية مرتبطة بالآخر، هو خارج المحيط، وهو يعيش في حالة اللامنتمي، لأي شيء، وعندما يجد من يؤلبه ويحرضه ضد المجتمع ويمنيه بالمن والسلوى والحور العين، فإنه يستدعي كل قواه العاطفية الخاملة وينشطها بالإغراءات، ويذهب إلى الآخر متسلحاً بعدوانية سوداوية بغيضة وناقمة، ناكصاً إلى مراحل ما قبل التاريخ، مؤدلجاً بقيم بالية، ومُثلاً مغالية بالكراهية إلى درجة العدمية والعبثية، فهو لا يرى في الحياة ما يغريه، ويشده إلى حب البقاء برغم ما فيها من مباهج وثراء جمالي، هو لا يرى ذلك، لأنه خرج من الغرفة المظلمة، ولم ير أمامه سوى كائن آخر مخاتل وماكر ويمتلك من البراهين الوهمية ما يسيل لها لعاب هذا الشخص، وبالتالي تتساوى الرغبتان وتتعايشان على كلمة ظاهرها الحق، وباطنها الباطل، وتمضي سفينة الكذب والهراء، حتى تبلغ مبلغاً مريعاً ومفزعاً، وعلى أثرها ينتج مجتمعاً مبتلياً بمثل هذه الآفات الفتاكة، الأمر الذي يستدعي عملية جراحية عاجلة لهذا الورم، واتخاذ التدابير الأمنية كافة للحفاظ على الجسد الاجتماعي من الضياع والإنهاك والوهن.

ليس هناك أسباب اقتصادية أو سياسية، وراء هذا الانحراف شديد الوطأة، بقدر ما هو السبب الثقافي الناشئ عن عوامل تربوية، قادت الشخص اللامنتمي إلى خوض معركة الوجود بسلاح الكراهية، والعيش خلف الخداع البصرية، والانقياد كالأعمى وراء مدعٍ كذاب، وأحياناً الوصول إلى مرحلة العبادة، أي عبادة المدعي والخنوع له، وفقدان الذات، والتي تدفع بالشخص اللامنتمي إلى الانتحار من أجل المدعي وإرضاء غروره، وكسب مودته.

العالم سيظل يعاني من هذه الحالات الشاذة، إلى أن يعثر على حل ناجع وعلمي، ينهض بالثقافة إلى السمو، ورفعة الفكر، وإخراج من دخلوا في الغرف المظلمة إلى النور.

وهذا ما تقوم به بلادنا الحبيبة اليوم، إذ تنهض بالفكر، وتقود حركة تنويرية في كل المجالات، وتعمل على تنظيف العقل من شوائب أزمنة غابرة، وتطهيره من لغو العابثين، وكذب الحاقدين، ورخص الذين يتاجرون بالقيم، ويراهنون على الأوهام.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللامنتمي اللامنتمي



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates