العقل عندما يخادع

العقل عندما يخادع

العقل عندما يخادع

 صوت الإمارات -

العقل عندما يخادع

بقلم : علي أبو الريش

في اجتماع مجلس الأمن الفائت، كانت الكلمات على ألسن المتحدثين تخرج من الأفواه، مثل فعل السحر ملتهبة، مضطربة، مخضبة بآثام الذين تلاعبت الألفاظ بمصيرهم، وتدحرجت الكلمات على تلال جثثهم، وطفت المعاني المبطنة على بحار دمائهم.

فالجميع تباكى باسم المظلومين والمقهورين والمشردين والمسحوقين.

وعندما تتقصى الأمر، وتغوص في المفردات المجردة، ينتابك إحساس بأن من استبد بالشعب الفلسطيني منذ سبعين عاماً، هي كائنات فضائية، جاءت من الغيب لتقتل البشر وتستولي على الأرض وتسلب الحقوق، وتضع شعباً بأكمله في قفص الحصار الدائم، كل هذا يتم ولا علاقة لإسرائيل به، بل هي التي تطالب بإنصاف العالم لها.

نسمع عن المساعدات بالأرقام الفلكية، ونعتقد أن فقراء العالم سوف يقطنون قصوراً مشيدة، ونكذب خيالنا، ونقول إن هذه الحشود التي تقطن العراء، ليست من البشر الذين يعيشون على الأرض، وكلمات أخرى تحدثت عن مكافحة الإرهاب وملاحقته في كل مكان، ولا ندري من أين تأتي هذه الجحافل، ومن أي حدود تتسلل، وتخترق كل أجهزة الرصد والمراقبة التي تكتشف الذبابة على بعد مئات الكيلو مترات، ومن درّب هؤلاء، ومن منحهم بسخاء الأسلحة الفتّاكة، وسهّل لهم لوجستياً كل ما يجعلهم جمهوريات داخل جمهوريات. عندما تستمع لهذه الكلمات، التي ترقص على المشاعر مثل رقصة الوحش قبل الانقضاض على الفريسة، تشعر أن العالم بخير، وتكذب كل الأخبار المأساوية، وتدحض كل الصور الدموية التي ترى كل صباح ومساء.

عندما تستمع لهذه الكلمات، تعتقد أن ماتنقله وكالات الأنباء والشاشات الفضائية، مجرد تمرين على احتمالات ما لا يحدث أبداً. الجميع لعن الإرهاب، وتحدث بثقة أنه سيمضي في محاربته حتى ينتهي من العالم، وتعيش الشعوب في بحبوحة اقتصادية، ويتواصل العالم على الخير والمحبة.

في الحقيقة، يقف الإنسان البسيط الذي مثلي حائراً، لأن من كان يتحدث هم رؤساء دول، ولهم باع طويل في السياسة والكياسة، وهم يحكمون بلاداً وشعوباً عريقة، ومن الصعب أن يكذبوا ويبيعون ضمائرهم في سوق نخاسة كلامية، ولكن عندما تلتفت إلى الواقع، تجد الكلام مجرد كلام، لا يدخل إلى العقل ولا يصدقه منطق.

ونحن اليوم نعيش في زمن الأضواء فيه كاشفة، ولا يمكن أن تمر الأكاذيب، ولا يمكن أن يخفى شيء على الناس، فالعالم طبق مكشوف وواضح. إذاً نسأل أنفسنا لما يصر البعض على الكذب، وهو يعلم علم اليقين أنه كاذب، وأن الآخرين لن يصدقوا ما يقول ؟

لأن ما يقوله لا يدخل إلى العقل، بل إن العقل السليم يسخر من مثل هذه المسرحيات، ويتقزز ويشمئز، ويقول: اللهم أجرنا من عالم أصبح الكذب غذاؤه وكساؤه، وارحم الشعوب التي أصبحت وقوداً لأكاذيب فطاحل الكذب والتدليس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقل عندما يخادع العقل عندما يخادع



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 01:23 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

منتدى الشعر المصري يناقش كتاب "السلطة والمصلحة"

GMT 15:50 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نصائح بسيطة للحصول على مطبخ ريفي أنيق

GMT 05:40 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مسرحية "ولاد البلد" تعرض في جامعة بني سويف

GMT 00:27 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

جينيفر لوبيز تنزلق على خشبة المسرح أمام الجمهور

GMT 04:35 2014 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

93 لوحة لـ 22 مبدعًا في معرض "ثمرة"

GMT 13:50 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

صبري فواز قيمة مع السنوات

GMT 14:30 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف علي المواصفات الكاملة لـ"كيا سيراتو 2019" الجديدة

GMT 22:03 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

انطلاق معرض تشكيلي في المدينة المنورة

GMT 01:59 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

سعر الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي الخميس

GMT 02:05 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

"هواوي" تطرح هاتف "Y6C" في مصر بأسعار تنافسية

GMT 14:41 2013 الجمعة ,22 شباط / فبراير

صدور كتاب باللغة الكوريّة لقصائد سعاد الصباح

GMT 11:59 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

توقيع "أذان الأنعام" لعماد حسن في شبابيك آخر الشهر

GMT 11:51 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تثير إعجاب الجمهور بحضور عيد ميلاد توأم زينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates