ملل

ملل

ملل

 صوت الإمارات -

ملل

بقلم : علي أبو الريش

يصرخ المرء ملل.. ملل، ويصف له الآخرون جرعة سعادة، فيصفون له دواء من خارج محيط الدائرة النفسية، فيذهب باحثاً عن وسيلة ما تذهب عنه الملل، وتزيح عن خاطره الكآبة، وتنزف عنه الانقباض. ماذا تقول الوصفات؟ غيّر مكانك، سافر، ارحل إلى بلد ما فيها تجد نقاهتك، أو استبدل أثاث منزلك بأثاث جديد يجلب لك الراحة، أو ابحث عن سيارة جديدة بدلاً عن سيارتك القديمة التي ينقبض لها القلب جراء سماع زمجرتها المدوية التي تصم الآذان. يفعل المسكين كل ذلك، وينفذ النصائح حرفياً، وبعد زمن يجد نفسه يغوص في محيط من الرياح العاتية، التي تجرد شجرة القلب من أوراقها الخضراء، ويشعر بالإحباط، لأن كل ما قام به من أفعال وأعمال، لم يغير من الحال شيئاً، بل راكم الديون على كاهله، وتلقى الانتقادات من القريبين والبعيدين، وأصبح مقيداً مصفوداً بأغلال البنوك التي تلاحقه، كما تفعل المفترسات بالفرائس.

كل ذلك يُنشئ غياب الوعي والإحساس المبهم، بأن علاج النفس يبدأ من الخارج، وأن السعادة المنشودة تكمن في غابة الأشياء المادية، ولو تأملنا الصراعات النفسية التي ترهق وجدان الناس، هي عواصف تهب من جهة الخارج، بينما السعادة ضامرة في الداخل، عندما يتخلص الإنسان من تبعات المثيرات الخارجية، ويقتنع أن سعادته هي هنا، في القلب.

هذا القلب إن صفت مياهه، وتنقت من بكتيريا المباهج، أصبح الإنسان حراً، كريماً، طليقاً، مثل الصقور في السماء الزرقاء، أصبح لا يكتظ بالمطالب، وكما يقول المثل: كن الأقل، تكون الأكثر، فالإنسان لا يكبر إلا عندما يتخلص من رغباته، وعندما يتحرر من نزواته، ويعيش هو لا كما يريده الآخرون.

عندما تذهب إلى الحياة بمفردك، تكون خفيفاً، ولا يثقلك لهاث الآخرين، ولا يعرقلك نعتهم لك. فكن أنت، ولا تطلب من الغير أن يحدد شخصيتك، فسوف تشعر بأن نسمات باردة تتسلل إلى صدرك، وتملأك بالانتشاء، وتجلسك في مكان خال من الغبار والرطوبة.

املأ قلبك بالقناعة، فهي وحدها سوف تنقيك من الملل وتجعلك مثل الطير، تحلق مرفرفاً عازفاً لحن الخلود، تجعلك مثل الفراشة، تلون الوجود بألوان الفرح، تجعلك مثل الوردة، تعطر الكون بشذا السعادة، تجعلك مثل النهر، مهما تساقطت في أحشائه أوراق الشجر، فلا يضحل ولا يمحل، يبقى أبدياً في صفائه، ووفائه للحياة.

السعادة هنا في داخلك، فابحث عنها، السعادة مثل حسناء، إن لم تعرف ترويضها فلن تحظى برضاها، وستبقى أبد الدهر تلطم الخدين ندماً على عصيان السعادة، على الرغم من أنك أنت الذي فرطت في الذهاب إليها، لأنك ضللت الطريق، وذهبت إلى مكان آخر، هو الخارج، وما الخارج إلا سراب، أنت تصنعه وتصدقه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملل ملل



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 01:23 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

منتدى الشعر المصري يناقش كتاب "السلطة والمصلحة"

GMT 15:50 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نصائح بسيطة للحصول على مطبخ ريفي أنيق

GMT 05:40 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مسرحية "ولاد البلد" تعرض في جامعة بني سويف

GMT 00:27 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

جينيفر لوبيز تنزلق على خشبة المسرح أمام الجمهور

GMT 04:35 2014 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

93 لوحة لـ 22 مبدعًا في معرض "ثمرة"

GMT 13:50 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

صبري فواز قيمة مع السنوات

GMT 14:30 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف علي المواصفات الكاملة لـ"كيا سيراتو 2019" الجديدة

GMT 22:03 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

انطلاق معرض تشكيلي في المدينة المنورة

GMT 01:59 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

سعر الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي الخميس

GMT 02:05 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

"هواوي" تطرح هاتف "Y6C" في مصر بأسعار تنافسية

GMT 14:41 2013 الجمعة ,22 شباط / فبراير

صدور كتاب باللغة الكوريّة لقصائد سعاد الصباح

GMT 11:59 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

توقيع "أذان الأنعام" لعماد حسن في شبابيك آخر الشهر

GMT 11:51 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تثير إعجاب الجمهور بحضور عيد ميلاد توأم زينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates