التعلق

التعلق

التعلق

 صوت الإمارات -

التعلق

بقلم : علي أبو الريش

التعلق كلمة بسيطة، لكنها أعمق من المحيط، وأعلى من الجبال. هي في حقيقة الأمر سبب كل هذا الصراع البشري، منذ الأزل. صراع بين الزوج وزوجته، وبين الأخ وأخيه، وبين الدول، وبين الفقراء، وبين الأثرياء. إنها الكلمة السحرية التي قبضت على مصير البشر، وأصبحت جزءاً من حياتهم اليومية. فلو جاء رجل لصديق مثلاً، وبانت على وجهه علامات الحزن والأسى، وارتمى بالقرب من صديقه، وقال له، أنقذني إني أشعر بدنو أجلي، وهذه الحياة سأغادرها، لا ريب

. ولما يسأله الصديق عن السبب، يجيبه أن فراق زوجته المتوفية، أمر لا يطاق وأنه يحس بالفقدان، بعدها يطبق على عنقه ويخنقه. عندما يسمع الناس مثل هذا الكلام من أشخاص قريبين منهم، فإنهم يضحكون ويعتبرون ذلك كذباً أو نفاقاً، بينما هذه هي الحقيقة.

قد لا يكون هذا الشخص يحب زوجته، لكنه متعلق بها إلى درجة التفاني. وبالفعل عندما يحضر التعلق، يغيب الحب. لأن في حالة التعلق يكون وعي الإنسان غير حاضر، فهو متعلق لغياب الذات، وعندما تكون الذات مجهولة، فإنه لا بد أن يبحث الإنسان عن ذات أخرى، يستند إليها وتحميه من الشعور بالضياع.

أنت تحب فأنت حاصر بكليتك. أنت واع، بذاتك، وجوهرك، هو مركز الدائرة، فلا تحتاج إلى ذات أخرى تتعلق بها. وكم هو التعلق مادة لاصقة قوية، فإنه يكون السد المنيع الذي يحرمك حريتك المتعلقة بشخص آخر، أو فكرة، أو مادة، يعاني من التعلق، بقدر ما هو شفوف بمن يتعلق به. هنا تصبح الإرادة مفقودة، وهنا تصبح الأنا تغطس في محيط واسع من الجهل بما يحدث للفرد.
فهو يريد الانعتاق، يريد الحرية، لكنه مجذوب من قوة أخرى باتجاه من يتعلق به. فكل مجرم وكل متطرف، وكل من تخدر بالمفعول القوي الذي نقول عنه التعلق، إنه كائن، يعيش خارج زمنه، وبعيداً عن ذاته، إنه مستعبد من قبل ذات أخرى هو لا يعرف كيف حصل هذا. عندما تجلس مع شخص متطرف، وتسمع ما يقوله تأسف على حاله، لأنه يعيش في غيبوبة، هو لا يعرف ماذا يريد، ويتحدث بمصطلحات لا يفهمها، لكنه متعلق بها، لماذا؟ إنه التعلق المرير، وهو الكائن الذي يتوغل إلى جوهر الإنسان، لأسباب ضعف في التربية، وعلاقات غير سوية، وأفكار تلقاها منذ الصغر، مبهمة وغامضة، ومشوشة، ومشوهة، وفيها من الأنانية، ما يجعل من يتلقاها، يأخذها وكأنه يبتلع أقراصاً مخدرة، تستولي عليه، وتكبله، ويصبح عبداً لما يعتقده المنطقة الآمنة التي تحفظه من الخطر. إذاً يجب أن نعلم أبناءنا كيف يحبون، ولا كيف يتعلقون، حتى نحفظهم من التعلق والتطرف والإرهاب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعلق التعلق



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates