الآن وليس غداً

الآن وليس غداً

الآن وليس غداً

 صوت الإمارات -

الآن وليس غداً

بقلم : علي أبو الريش

الشخص المندفع مثل الفرامل المعطوبة، يمضي في الحياة بسرعة البرق وبلا هوادة، ولا قوانين تحكم السرعة الفائقة. فهو لا يقف عند حد في تصوراته، الأمر الذي يجعل خياله مثل خرقة فضفاضة لا تحكمها مقاييس المناسب وغير المناسب، ولذلك تبدو شائهة ورقيعة.

المندفعون يقعون في منتصف الطريق، ولا يصلون أبداً. هؤلاء الأشخاص الذين يغمضون أعينهم عندما يسيرون في الطريق، فلا بد وأن يتعثروا بحجر، أو يخفقوا في حفرة، لأن الذاهب إلى الحياة بهدف الظفر بالنجاح من دون تحديد الهدف، ومن دون تشذيب الحشائش التي تكمن في الطريق، فإنه لابد وأن يتوه، ويضيع في شعاب الطريق غير الممهد، لابد وأن يفقد توازنه وهو يهبط في المنحدرات التي تأخذه إلى الهدف. أخلاق الفرد العارف تدله إلى مشاعر التريث، والفكر المحتسب لصغائر العقبات، بينما المندفع كائن يخلط ما بين الأحلام والواقع، وبالتالي فهو يطفو بزبد الموجة العارمة قبل أن يلج البحر، فتعرقله الموجة قبل أن يصل، وبعد ذلك يصل إلى قناعة أن البحر أغرقه، أو أن الهدف كان عصيباً ولم يفلح في إصابته.

نجد الكثير من الناس يريدون الهدف لتحقيق شهرة في مجال معين، ونراهم يندفعون بقوة الحجر المقذوف عشوائياً، فقد يطيحون بأنفسهم قبل تحقيق الهدف، أو يقتلعون عين شخص معين من دون أن يدروا. فالاندفاع هو متاع العقل المتهور، هو مسعى النفس غير المطمئنة، هو درب الحب الأعمى، هو طريق العاشق الموهوم بحب لا يأتي.

نابليون بكل ما امتلك من ذكاء، انتهت حياته بالسجن والنفي، لأنه وسع من أحلامه حتى أصبحت أوهاماً. محمد طوقلاك أحد سلاطين دلهي في القرن الرابع عشر، أحال دلهي إلى ركام، وماري كوري التي حازت جائزة نوبل مرتين، انساقت وراء رغباتها الجسدية، وبذلك فقدت قيمتها الأخلاقية. وكذلك صدام حسين، انتهى به عدم توازنه النفسي إلى مقصلة الإعدام. كل ذلك لأن الاندفاع وهم بشري لازم الإنسانية منذ فجر التاريخ، وعلى مختلف الصعد، فالشاعر المبتدئ عندما يدفعه الوهم بأنه أوسع قريحة من ساحته الشعرية، وكذلك الأديب الذي يظن أنه الأكبر حجماً وقامة من صفحات روايته البالغة مئات الصفحات، والعالم الذي يعتقد أنه أنجز ما عجزت البشرية من إنجازه خلال قرون، كل هذه الصور الخيالية، تدفن الشخصيات المندفعة في أنفاق العتمة، فلا يعودون قادرين على رؤية الآخر إلا بعين مغشاة بالرمد، وعقل معصوب بلفافة من حبال مهترئة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الآن وليس غداً الآن وليس غداً



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates