الكذابون

الكذابون

الكذابون

 صوت الإمارات -

الكذابون

بقلم : علي أبو الريش

«عندما تجد إنساناً غاضباً فاعرف أنه كذاب»، الموظف يغضب من مديره، ويكيل عليه مختلف الاتهامات، والمدير كذلك، يغضب من موظفيه ويصفهم بأشنع النعوت.. الزوج والزوجة والأبناء، يثيرون عواصف لا مجال لتهدئتها، وكلٌ ينعت ويصف، ويثير الشبهات حول الآخر. أنت وأنا عزيزي القارئ، عندما ينحرف سائق نحونا، نرفع إليه علامة الخطر، ونشطط وننحط، وقد نلاحقه ونتبعه إلى حيث يتوقف، لننبهه ونوبخه ونزجره وننهره، وفي أحسن الأحوال نعاتبه ونحن نقطب الحواجب، ونمد الأبواز، غاضبين محتجين، على فعل قد يكون في نهاية المطاف، مجرد سهو أو غلطة غير مقصودة.
إذاً لماذا الغضب؟.. نحن نغضب ليس لأن الخارج أو الآخر سبب، وإنما نغضب لأن في الداخل ضجيجاً قوياً، وعنيفاً، ولأن في الغرفة الداخلية للنفس ظلاماً دامساً، ومخالب وأنياباً، تنهش صدورنا، نحن نغضب لأننا نريد أن نهرب من السبب الداخلي إلى الخارج، ونعلق كل نفاياتها وملابسها الداخلية الرثة على مشاجب الآخرين.
نحن نغضب لأننا عجزنا عن إصلاح الداخل، فذهبنا إلى الخارج لنقول له أنت سبب غضبنا، نحن نغضب لأن داخلنا يعاني من عجز في ميزانيته الأخلاقية والقيمية، بعدما أرهق بأحزان الماضي، وانتكاساته وانكساراته، وكذلك قلق المستقبل الذي نجد أنفسنا عاجزين عن الوصول إليه بحكم الفطرة البشرية التي لا تملك زمام الآتي.. أو المستقبل.

والحيلة الدفاعية الأولى التي نتسلح بها، هي الكذب.. الكذب طريقة مثالية بالنسبة لمن يعانون من عقد النقص ومركبات الدونية، والذات المهشمة.. الكذب ذو علاقة وطيدة مع الذين يكابدون مرارة الذات الغائبة في ظلمات الغيوم السوداء.. قال أرسطو «اعرف نفسك»، معرفة النفس والدخول إلى غرفتها بوعي، وبمصابيح الإرادة اليقظة يجعلنا نتحاشى كل الضجيج، ويجعلنا نتجاوز حدة الذات المتهورة، والشاكية الباكية، المتوجسة، المتألمة، ألم الذات لا يأتي من الخارج، وإنما هو داخلي بامتياز، الإنسان اليقظ لا يضع أي اعتبار لعقبات الخارج، لأنه يملك القدرة الكافية لتفاديها، والوصول إلى أهدافه من دون خسائر.. الإنسان الصافي، هو إنسان تعرى تماماً من الحثالات والأوساخ، وخرج إلى العالم نظيفاً عفيفاً، شفيفاً.. وعندما تكون ملابسك نظيفة فأنت لا تخشى الانتقاد أو الامتعاض، وكذلك عندما تكون نقياً من الداخل فأنت تذهب إلى العالم، مثل السماء الصافية، تتلألأ بنجوم الحب والسعادة، والانتماء إلى الكون من دون خوف أو رجفة غضب.. فكن يقظاً، تصبح سعيداً، وكن متأملاً لداخلك، تصر عاشقاً للحياة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكذابون الكذابون



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 06:02 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أميركية ينمو في رأسها قرن عاشت به لمدة عام

GMT 12:07 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"Pixel 3" قفزة في تطوير صناعة الهواتف

GMT 08:39 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن الرواية المصورة التي ظهرت في السبعينات

GMT 18:00 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

توقيع رواية "باب الليل" للروائي وحيد الطويلة

GMT 18:30 2013 الأحد ,23 حزيران / يونيو

اصدار رواية"امرأة غير قابلة للكسر" لمحمد رفعت

GMT 21:39 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إتهام جامعة هارفرد العريقة في التمييز العنصري بها

GMT 10:04 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

افتتاح معرض الصُّور النَّادرة "الأقصر في 100 عام"

GMT 17:56 2015 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة مروة جمال تطلق أغنيتها الجديدة "مفيش مستحيل"

GMT 07:53 2013 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معرض للرسام الاميركي أندي وورهول في بلجيكا عن الموت والحياة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates